للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ: أَشْهَدُ فِي حَلْقِ الشَّارِبِ أَنَّهُ بِدْعَةٌ، وَأَرَى أَنْ يُوجَعَ ضَرْبًا مَنْ فَعَلَهُ، قَالَ مالك: (وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِذَا كَرَبَهُ أَمْرٌ نَفَخَ فَجَعَلَ رِجْلَهُ بِرِدَائِهِ وَهُوَ يَفْتِلُ شَارِبَهُ)

(وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: السُّنَّةُ فِي الشَّارِبِ الْإِطَارُ) ، وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: وَلَمْ أَجِدْ عَنِ الشَّافِعِيِّ شَيْئًا مَنْصُوصًا فِي هَذَا، وَأَصْحَابُهُ الَّذِينَ رَأَيْنَا - المزني والربيع - كَانَا يُحْفِيَانِ شَوَارِبَهُمَا، وَيَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُمَا أَخَذَاهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ، قَالَ: وَأَمَّا أبو حنيفة وزفر وأبو يوسف ومحمد فَكَانَ مَذْهَبُهُمْ فِي شَعَرِ الرَّأْسِ وَالشَّوَارِبِ أَنَّ الْإِحْفَاءَ أَفْضَلُ مِنَ التَّقْصِيرِ. وَذَكَرَ ابن خويز منداد المالكي عَنِ الشَّافِعِيِّ، أَنَّ مَذْهَبَهُ فِي حَلْقِ الشَّارِبِ كَمَذْهَبِ أبي حنيفة، وَهَذَا قَوْلُ أبي عمر.

وَأَمَّا الْإِمَامُ أَحْمَدُ فَقَالَ الأثرم: رَأَيْتُ الْإِمَامَ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يُحْفِي شَارِبَهُ شَدِيدًا، وَسَمِعْتُهُ يُسْأَلُ عَنِ السُّنَّةِ فِي إِحْفَاءِ الشَّارِبِ؟ فَقَالَ: يُحْفِي كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( «أَحْفُوا الشَّوَارِبَ» ) ، وَقَالَ حنبل: قِيلَ لأبي عبد الله: تَرَى الرَّجُلَ يَأْخُذُ شَارِبَهُ أَوْ يُحْفِيهِ؟ أَمْ كَيْفَ يَأْخُذُهُ؟ قَالَ: إِنْ أَحْفَاهُ فَلَا بَأْسَ، وَإِنْ أَخَذَهُ قَصًّا فَلَا بَأْسَ.

وَقَالَ أبو محمد بن قدامة المقدسي فِي الْمُغْنِي: وَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُحْفِيَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَقُصَّهُ مِنْ غَيْرِ إِحْفَاءٍ. قَالَ الطَّحَاوِيُّ: وَرَوَى الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ ( «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ مِنْ شَارِبِهِ عَلَى سِوَاكٍ» ) وَهَذَا لَا يَكُونُ مَعَهُ إِحْفَاءٌ.

وَاحْتَجَّ مَنْ لَمْ يَرَ إِحْفَاءَهُ بِحَدِيثَيْ عائشة وَأَبِي هُرَيْرَةَ الْمَرْفُوعَيْنِ: (عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ) فَذَكَرَ مِنْهَا قَصَّ الشَّارِبِ. وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ: (الْفِطْرَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>