رَسُولَ اللَّهِ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمِنْ رَسُولِهِ) .
وَكَانَ زياد هَذَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، قَالَ: فَاعْتَشَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَيْ: سَارَ لَيْلًا، وَاعْتَشَيْنَا مَعَهُ، وَكُنْتُ رَجُلًا قَوِيًّا قَالَ: فَجُعِلَ أَصْحَابُهُ يَتَفَرَّقُونَ عَنْهُ، وَلَزِمْتُ غَرْزَهُ، فَلَمَّا كَانَ فِي السَّحَرِ قَالَ: " أَذِّنْ يَا أَخَا صُدَاءٍ " فَأَذَّنْتُ عَلَى رَاحِلَتِي، ثُمَّ سِرْنَا حَتَّى ذَهَبْنَا، فَنَزَلَ لِحَاجَتِهِ ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ: يَا أَخَا صُدَاءٍ، هَلْ مَعَكَ مَاءٌ؟ قُلْتُ: مَعِي شَيْءٌ فِي إِدَاوَتِي، فَقَالَ " هَاتِهِ " فَجِئْتُ بِهِ، فَقَالَ " صُبَّ " فَصَبَبْتُ مَا فِي الْإِدَاوَةِ فِي الْقَعْبِ، فَجُعِلَ أَصْحَابُهُ يَتَلَاحَقُونَ، ثُمَّ وَضَعَ كَفَّهُ عَلَى الْإِنَاءِ، فَرَأَيْتُ بَيْنَ كُلِّ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِهِ عَيْنًا تَفُورُ، ثُمَّ قَالَ: " يَا أَخَا صُدَاءٍ لَوْلَا أَنِّي أَسْتَحِي مِنْ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ لَسَقَيْنَا وَاسْتَقَيْنَا " ثُمَّ تَوَضَّأَ وَقَالَ: " أَذِّنْ فِي أَصْحَابِي مَنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ بِالْوُضُوءِ فَلْيَرِدْ "، قَالَ: فَوَرَدُوا مِنْ آخِرِهِمْ ثُمَّ جَاءَ بلال يُقِيمُ، فَقَالَ (إِنَّ أَخَا صُدَاءٍ أَذَّنَ، وَمَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ) فَأَقَمْتُ، ثُمَّ تَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى بِنَا، وَكُنْتُ سَأَلْتُهُ قَبْلُ أَنْ يُؤَمِّرَنِي عَلَى قَوْمِي، وَيَكْتُبَ لِي بِذَلِكَ كِتَابًا، فَفَعَلَ. فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ، قَامَ رَجُلٌ يَتَشَكَّى مِنْ عَامِلِهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّهُ أَخَذَنَا بِذُحُولٍ كَانَتْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا خَيْرَ فِي الْإِمَارَةِ لِرَجُلٍ مُسْلِمٍ) ثُمَّ قَامَ آخَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْطِنِي مِنَ الصَّدَقَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكِلْ قِسْمَتَهَا إِلَى مَلَكٍ مُقَرَّبٍ وَلَا نَبِيٍّ مُرْسَلٍ، حَتَّى جَزَّأَهَا ثَمَانِيَةَ أَجْزَاءٍ، فَإِنْ كُنْتَ جُزْءًا مِنْهَا أَعْطَيْتُكَ، وَإِنْ كُنْتَ غَنِيًّا عَنْهَا، فَإِنَّمَا هِيَ صُدَاعٌ فِي الرَّأْسِ وَدَاءٌ فِي الْبَطْنِ " فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: هَاتَانِ خَصْلَتَانِ حِينَ سَأَلْتُ الْإِمَارَةَ وَأَنَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ، وَسَأَلْتُهُ مِنَ الصَّدَقَةِ وَأَنَا غَنِيٌّ عَنْهَا، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَانِ كِتَابَاكَ فَاقْبَلْهُمَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَلِمَ؟ " فَقُلْتُ: إِنِّي سَمِعْتُكَ تَقُولُ: (لَا خَيْرَ فِي الْإِمَارَةِ لِرَجُلٍ مُسْلِمٍ) وَأَنَا مُسْلِمٌ، وَسَمِعْتُكَ تَقُولُ: (مَنْ سَأَلَ مِنَ الصَّدَقَةِ وَهُوَ غَنِيٌّ عَنْهَا فَإِنَّمَا هِيَ صُدَاعٌ فِي الرَّأْسِ وَدَاءٌ فِي الْبَطْنِ) وَأَنَا غَنِيٌّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَمَا إِنَّ الَّذِي قُلْتَ كَمَا قُلْتَ " فَقَبِلَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ لِي: " دُلَّنِي عَلَى رَجُلٍ مِنْ قَوْمِكَ أَسْتَعْمِلُهُ " فَدَلَلْتُهُ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute