للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَانَ يَسْتَنْشِقُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَيَسْتَنْثِرُ بِالْيُسْرَى، وَكَانَ يَمْسَحُ رَأْسَهُ كُلَّهُ، وَتَارَةً يُقْبِلُ بِيَدَيْهِ وَيُدْبِرُ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ حَدِيثُ مَنْ قَالَ: مَسَحَ بِرَأْسِهِ مَرَّتَيْنِ.

وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَمْ يُكَرِّرْ مَسْحَ رَأْسِهِ، بَلْ كَانَ إِذَا كَرَّرَ غَسْلَ الْأَعْضَاءِ أَفْرَدَ مَسْحَ الرَّأْسِ، هَكَذَا جَاءَ عَنْهُ صَرِيحًا، وَلَمْ يَصِحَّ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِلَافُهُ الْبَتَّةَ، بَلْ مَا عَدَا هَذَا إِمَّا صَحِيحٌ غَيْرُ صَرِيحٍ كَقَوْلِ الصَّحَابِيِّ: تَوَضَّأْ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَكَقَوْلِهِ: مَسَحَ بِرَأْسِهِ مَرَّتَيْنِ، وَإِمَّا صَرِيحٌ غَيْرُ صَحِيحٍ، كَحَدِيثِ ابن البيلماني عَنْ أَبِيهِ عَنْ عمر، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ تَوَضَّأَ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثًا) ثُمَّ قَالَ: (وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ ثَلَاثًا» ) وَهَذَا لَا يُحْتَجُّ بِهِ، وابن البيلماني وَأَبُوهُ مُضَعَّفَانِ، وَإِنْ كَانَ الْأَبُ أَحْسَنَ حَالًا، وَكَحَدِيثِ عثمان الَّذِي رَوَاهُ أبو داود، «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَسَحَ رَأْسَهُ ثَلَاثًا» )

وَقَالَ أبو داود: أَحَادِيثُ عثمان الصِّحَاحُ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَسْحَ الرَّأْسِ مَرَّةٌ، وَلَمْ يَصِحَّ عَنْهُ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ أَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى مَسْحِ بَعْضِ رَأْسِهِ الْبَتَّةَ، وَلَكِنْ كَانَ إِذَا مَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ كَمَّلَ عَلَى الْعِمَامَةِ.

فَأَمَّا حَدِيثُ أنس الَّذِي رَوَاهُ أبو داود: ( «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ قِطْرِيَّةٌ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ مِنْ تَحْتِ الْعِمَامَةِ فَمَسَحَ مُقَدَّمَ رَأْسِهِ وَلَمْ يَنْقُضِ الْعِمَامَةَ» ) فَهَذَا مَقْصُودُ أنس بِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَنْقُضْ

<<  <  ج: ص:  >  >>