الِاسْتِفْرَاغِ الْمُوَافِقِ، وَكَذَلِكَ مَدَارُ الطِّبِّ كُلِّهِ عَلَى هَذِهِ الْقَوَاعِدِ الثَّلَاثَةِ. وَالْحِمْيَةُ: حِمْيَتَانِ: حِمْيَةٌ عَمَّا يَجْلِبُ الْمَرَضَ، وَحِمْيَةٌ عَمَّا يَزِيدُهُ فَيَقِفُ عَلَى حَالِهِ، فَالْأَوَّلُ: حِمْيَةُ الْأَصِحَّاءِ. وَالثَّانِيَةُ: حِمْيَةُ الْمَرْضَى، فَإِنَّ الْمَرِيضَ إِذَا احْتَمَى، وَقَفَ مَرَضُهُ عَنِ التَّزَايُدِ، وَأَخَذَتِ الْقُوَى فِي دَفْعِهِ. وَالْأَصْلُ فِي الْحِمْيَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: ٤٣] [النِّسَاءِ: ٤٣ الْمَائِدَةِ ٦] فَحَمَى الْمَرِيضَ مِنِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ لِأَنَّهُ يَضُرُّهُ.
وَفِي " سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ " وَغَيْرِهِ عَنْ أم المنذر بنت قيس الأنصارية، قَالَتْ: ( «دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ علي، وعلي نَاقِهٌ مِنْ مَرَضٍ، وَلَنَا دَوَالِي مُعَلَّقَةٌ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ مِنْهَا، وَقَامَ علي يَأْكُلُ مِنْهَا، فَطَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لعلي: " إِنَّكَ نَاقِهٌ " حَتَّى كَفَّ. قَالَتْ: وَصَنَعْتُ شَعِيرًا وَسِلْقًا فَجِئْتُ بِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعلي: " مِنْ هَذَا أَصِبْ، فَإِنَّهُ أَنْفَعُ لَكَ " وَفِي لَفْظٍ فَقَالَ: " مِنْ هَذَا فَأَصِبْ، فَإِنَّهُ أَوْفَقُ لَكَ» ) .
وَفِي " سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ " أَيْضًا عَنْ صهيب قَالَ: ( «قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ يَدَيْهِ خُبْزٌ وَتَمْرٌ، فَقَالَ: " ادْنُ فَكُلْ "، فَأَخَذْتُ تَمْرًا فَأَكَلْتُ، فَقَالَ: " أَتَأْكُلُ تَمْرًا وَبِكَ رَمَدٌ "؟ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمْضَغُ مِنَ النَّاحِيَةِ الْأُخْرَى، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ) .
وَفِي حَدِيثٍ مَحْفُوظٍ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( «إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا حَمَاهُ مِنَ الدُّنْيَا، كَمَا يَحْمِي أَحَدُكُمْ مَرِيضَهُ عَنِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ» ) . وَفِي لَفْظٍ: ( «إِنَّ اللَّهَ يَحْمِي عَبْدَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute