وَتَحْرِيمُ هَذَا مَعْلُومٌ مِنْ دِينِهِ بِالضَّرُورَةِ، وَتَجْوِيزُ مَنْ جَوَّزَهُ لِغَيْرِ اللَّهِ مُرَاغَمَةٌ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، وَهُوَ مِنْ أَبْلَغِ أَنْوَاعِ الْعُبُودِيَّةِ، فَإِذَا جَوَّزَ هَذَا الْمُشْرِكُ هَذَا النَّوْعَ لِلْبَشَرِ، فَقَدْ جَوَّزَ الْعُبُودِيَّةَ لِغَيْرِ اللَّهِ، وَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ ( «قِيلَ لَهُ: الرَّجُلُ يَلْقَى أَخَاهُ أَيَنْحَنِي لَهُ؟ قَالَ: " لَا ". قِيلَ: أَيَلْتَزِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ قَالَ: " لَا ". قِيلَ أَيُصَافِحُهُ؟ قَالَ " نَعَمْ» ) .
وَأَيْضًا: فَالِانْحِنَاءُ عِنْدَ التَّحِيَّةِ سُجُودٌ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا} [البقرة: ٥٨] [الْبَقَرَةِ: ٥٨] أَيْ مُنْحَنِينَ، وَإِلَّا فَلَا يُمْكِنُ الدَّخُولُ عَلَى الْجِبَاهِ، وَصَحَّ عَنْهُ النَّهْيُ عَنِ الْقِيَامِ وَهُوَ جَالِسٌ، كَمَا تُعَظِّمُ الْأَعَاجِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا حَتَّى مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ، وَأَمَرَهُمْ إِذَا صَلَّى جَالِسًا أَنْ يُصَلُّوا جُلُوسًا وَهُمْ أَصِحَّاءُ لَا عُذْرَ لَهُمْ، لِئَلَّا يَقُومُوا عَلَى رَأْسِهِ وَهُوَ جَالِسٌ مَعَ أَنَّ قِيَامَهُمْ لِلَّهِ، فَكَيْفَ إِذَا كَانَ الْقِيَامُ تَعْظِيمًا وَعُبُودِيَّةً لِغَيْرِهِ سُبْحَانَهُ.
وَالْمَقْصُودُ: أَنَّ النُّفُوسَ الْجَاهِلَةَ الضَّالَّةَ أَسْقَطَتْ عُبُودِيَّةَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَأَشْرَكَتْ فِيهَا مَنْ تُعَظِّمُهُ مِنَ الْخَلْقِ، فَسَجَدَتْ لِغَيْرِ اللَّهِ، وَرَكَعَتْ لَهُ، وَقَامَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ قِيَامَ الصَّلَاةِ، وَحَلَفَتْ بِغَيْرِهِ، وَنَذَرَتْ لِغَيْرِهِ، وَحَلَقَتْ لِغَيْرِهِ، وَذَبَحَتْ لِغَيْرِهِ، وَطَافَتْ لِغَيْرِ بَيْتِهِ، وَعَظَّمَتْهُ بِالْحُبِّ، وَالْخَوْفِ، وَالرَّجَاءِ، وَالطَّاعَةِ، كَمَا يُعَظَّمُ الْخَالِقُ، بَلْ أَشَدُّ، وَسَوَّتْ مَنْ تَعْبُدُهُ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ، وَهَؤُلَاءِ هُمُ الْمُضَادُّونَ لِدَعْوَةِ الرُّسُلِ، وَهُمُ الَّذِينَ بِرَبَّهِمْ يَعْدِلُونَ، وَهُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ - وَهُمْ فِي النَّارِ مَعَ آلِهَتِهِمْ يَخْتَصِمُونَ - {تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ - إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: ٩٧ - ٩٨] )
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute