يَسْجُدُ، ثُمَّ يَقْعُدُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ حَتَّى نَقُولَ: قَدْ أَوْهَمَ» )
وَصَحَّ عَنْهُ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ أَنَّهُ أَطَالَ هَذَا الرُّكْنَ بَعْدَ الرُّكُوعِ حَتَّى كَانَ قَرِيبًا مِنْ رُكُوعِهِ، وَكَانَ رُكُوعُهُ قَرِيبًا مِنْ قِيَامِهِ. فَهَذَا هَدْيُهُ الْمَعْلُومُ الَّذِي لَا مُعَارِضَ لَهُ بِوَجْهٍ.
وَأَمَّا حَدِيثُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ: ( «كَانَ رُكُوعُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسُجُودُهُ وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ مَا خَلَا الْقِيَامَ وَالْقُعُودَ قَرِيبًا مِنَ السَّوَاءِ» ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، فَقَدْ تَشَبَّثَ بِهِ مَنْ ظَنَّ تَقْصِيرَ هَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ وَلَا مُتَعَلِّقَ لَهُ، فَإِنَّ الْحَدِيثَ مُصَرَّحٌ فِيهِ بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَ هَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ وَبَيْنَ سَائِرِ الْأَرْكَانِ، فَلَوْ كَانَ الْقِيَامُ وَالْقُعُودُ الْمُسْتَثْنَيَيْنِ هُوَ الْقِيَامَ بَعْدَ الرُّكُوعِ وَالْقُعُودِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ لَنَاقَضَ الْحَدِيثُ الْوَاحِدُ بَعْضَهُ بَعْضًا، فَتَعَيَّنَ قَطْعًا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْقِيَامِ وَالْقُعُودِ قِيَامَ الْقِرَاءَةِ وَقُعُودَ التَّشَهُّدِ، وَلِهَذَا كَانَ هَدْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمَا إِطَالَتَهُمَا عَلَى سَائِرِ الْأَرْكَانِ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ، وَهَذَا بِحَمْدِ اللَّهِ وَاضِحٌ، وَهُوَ مِمَّا خَفِيَ مِنْ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صِلَاتِهِ عَلَى مَنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ.
قَالَ شَيْخُنَا: وَتَقْصِيرُ هَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ مِمَّا تَصَرَّفَ فِيهِ أُمَرَاءُ بَنِي أُمَيَّةَ فِي الصَّلَاةِ وَأَحْدَثُوهُ فِيهَا، كَمَا أَحْدَثُوا فِيهَا تَرْكَ إِتْمَامِ التَّكْبِيرِ، وَكَمَا أَحْدَثُوا التَّأْخِيرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute