للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرُّوَاةِ، فَإِنَّ أَوَّلَهُ يُخَالِفُ آخِرَهُ، فَإِنَّهُ إِذَا وَضَعَ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ فَقَدْ بَرَكَ كَمَا يَبْرُكُ الْبَعِيرُ، فَإِنَّ الْبَعِيرَ إِنَّمَا يَضَعُ يَدَيْهِ أَوَّلًا، وَلَمَّا عَلِمَ أَصْحَابُ هَذَا الْقَوْلِ ذَلِكَ قَالُوا: رُكْبَتَا الْبَعِيرِ فِي يَدَيْهِ، لَا فِي رِجْلَيْهِ، فَهُوَ إِذَا بَرَكَ وَضَعَ رُكْبَتَيْهِ أَوَّلًا، فَهَذَا هُوَ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ. وَهُوَ فَاسِدٌ لِوُجُوهٍ.

أَحَدُهَا: أَنَّ الْبَعِيرَ إِذَا بَرَكَ فَإِنَّهُ يَضَعُ يَدَيْهِ أَوَّلًا وَتَبْقَى رِجْلَاهُ قَائِمَتَيْنِ، فَإِذَا نَهَضَ فَإِنَّهُ يَنْهَضُ بِرِجْلَيْهِ أَوَّلًا وَتَبْقَى يَدَاهُ عَلَى الْأَرْضِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي نَهَى عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَعَلَ خِلَافَهُ. وَكَانَ أَوَّلُ مَا يَقَعُ مِنْهُ عَلَى الْأَرْضِ الْأَقْرَبَ مِنْهَا فَالْأَقْرَبَ، وَأَوَّلُ مَا يَرْتَفِعُ عَنِ الْأَرْضِ مِنْهَا الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى.

وَكَانَ يَضَعُ رُكْبَتَيْهِ أَوَّلًا ثُمَّ يَدَيْهِ ثُمَّ جَبْهَتَهُ. وَإِذَا رَفَعَ رَفَعَ رَأْسَهُ أَوَّلًا ثُمَّ يَدَيْهِ ثُمَّ رُكْبَتَيْهِ، وَهَذَا عَكْسُ فِعْلِ الْبَعِيرِ، وَهُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى فِي الصَّلَاةِ عَنِ التَّشَبُّهِ بِالْحَيَوَانَاتِ، فَنَهَى عَنْ بُرُوكٍ كَبُرُوكِ الْبَعِيرِ، وَالْتِفَاتٍ كَالْتِفَاتِ الثَّعْلَبِ، وَافْتِرَاشٍ كَافْتِرَاشِ السَّبُعِ، وَإِقْعَاءٍ كَإِقْعَاءِ الْكَلْبِ، وَنَقْرٍ كَنَقْرِ الْغُرَابِ، وَرَفْعِ الْأَيْدِي وَقْتَ

<<  <  ج: ص:  >  >>