للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ أُتِيَ بِجُمَّارِ نَخْلَةٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً مَثَلُهَا مَثَلُ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا، أَخْبِرُونِي مَا هِيَ؟ فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَوَادِي، فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ: هِيَ النَّخْلَةُ، ثُمَّ نَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا أَصْغُرُ الْقَوْمِ سِنًّا، فَسَكَتُّ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " هِيَ النَّخْلَةُ " فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لعمر، فَقَالَ لَأَنْ تَكُونَ قُلْتَهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا» ) .

فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إِلْقَاءُ الْعَالِمِ الْمَسَائِلَ عَلَى أَصْحَابِهِ، وَتَمْرِينُهُمْ، وَاخْتِبَارُ مَا عِنْدَهُمْ.

وَفِيهِ ضَرْبُ الْأَمْثَالِ وَالتَّشْبِيهُ.

وَفِيهِ مَا كَانَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ مِنَ الْحَيَاءِ مِنْ أَكَابِرِهِمْ وَإِجْلَالِهِمْ وَإِمْسَاكِهِمْ عَنِ الْكَلَامِ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ.

وَفِيهِ فَرَحُ الرَّجُلِ بِإِصَابَةِ وَلَدِهِ، وَتَوْفِيقِهِ لِلصَّوَابِ.

وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ لِلْوَلَدِ أَنْ يُجِيبَ بِمَا يَعْرِفُ بِحَضْرَةِ أَبِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ الْأَبُ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ إِسَاءَةُ أَدَبٍ عَلَيْهِ.

وَفِيهِ مَا تَضَمَّنَهُ تَشْبِيهُ الْمُسْلِمِ بِالنَّخْلَةِ مِنْ كَثْرَةِ خَيْرِهَا، وَدَوَامِ ظِلِّهَا وَطِيبِ ثَمَرِهَا وَوُجُودِهِ عَلَى الدَّوَامِ.

وَثَمَرُهَا يُؤْكَلُ رَطْبًا وَيَابِسًا وَبَلَحًا وَيَانِعًا، وَهُوَ غِذَاءٌ وَدَوَاءٌ وَقُوتٌ وَحَلْوَى، وَشَرَابٌ وَفَاكِهَةٌ، وَجُذُوعُهَا لِلْبِنَاءِ وَالْآلَاتِ وَالْأَوَانِي، وَيُتَّخَذُ مِنْ خُوصِهَا الْحُصُرُ وَالْمَكَاتِلُ وَالْأَوَانِي وَالْمَرَاوِحُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَمِنْ لِيفِهَا الْحِبَالُ

<<  <  ج: ص:  >  >>