الثَّامِنُ: أَنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ عَلَيْهِ، وَالْقَوْلُ الْآخَرُ إِنَّمَا يُحْفَظُ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ ومالك، وَأَمَّا قَوْلُ ابن أبي داود: إِنَّهُ قَوْلُ أَهْلِ الْحَدِيثِ، فَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ بَعْضَهُمْ، وَإِلَّا فأحمد وَالشَّافِعِيُّ وإسحاق عَلَى خِلَافِهِ.
التَّاسِعُ: أَنَّهُ حَدِيثٌ فِيهِ قِصَّةٌ مَحْكِيَّةٌ سِيقَتْ لِحِكَايَةِ فِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَهُوَ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ مَحْفُوظًا؛ لِأَنَّ الْحَدِيثَ إِذَا كَانَ فِيهِ قِصَّةٌ مَحْكِيَّةٌ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ حُفِظَ.
الْعَاشِرُ: أَنَّ الْأَفْعَالَ الْمَحْكِيَّةَ فِيهِ كُلُّهَا ثَابِتَةٌ صَحِيحَةٌ مِنْ رِوَايَةِ غَيْرِهِ، فَهِيَ أَفْعَالٌ مَعْرُوفَةٌ صَحِيحَةٌ وَهَذَا وَاحِدٌ مِنْهَا فَلَهُ حُكْمُهَا، وَمُعَارِضُهُ لَيْسَ مُقَاوِمًا لَهُ، فَيَتَعَيَّنُ تَرْجِيحُهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْجُدُ عَلَى جَبْهَتِهِ وَأَنْفِهِ دُونَ كَوْرِ الْعِمَامَةِ، وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ السُّجُودُ عَلَى كَوْرِ الْعِمَامَةِ مِنْ حَدِيثٍ صَحِيحٍ وَلَا حَسَنٍ، وَلَكِنْ رَوَى عبد الرزاق فِي " الْمُصَنَّفِ " مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْجُدُ عَلَى كَوْرِ عِمَامَتِهِ،» وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَرَّرٍ وَهُوَ مَتْرُوكٌ، وَذَكَرَهُ أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ مِنْ حَدِيثِ جابر وَلَكِنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ عمر بن شمر عَنْ جابر الجعفي، مَتْرُوكٌ عَنْ مَتْرُوكٍ، وَقَدْ ذَكَرَ أبو داود فِي الْمَرَاسِيلِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ فَسَجَدَ بِجَبِينِهِ وَقَدِ اعْتَمَّ عَلَى جَبْهَتِهِ، فَحَسَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ جَبْهَتِهِ» .
وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْجُدُ عَلَى الْأَرْضِ كَثِيرًا، وَعَلَى الْمَاءِ وَالطِّينِ، وَعَلَى الْخُمْرَةِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ خُوصِ النَّخْلِ، وَعَلَى الْحَصِيرِ الْمُتَّخَذِ مِنْهُ، وَعَلَى الْفَرْوَةِ الْمَدْبُوغَةِ.
وَكَانَ إِذَا سَجَدَ مَكَّنَ جَبْهَتَهُ وَأَنْفَهُ مِنَ الْأَرْضِ، وَنَحَّى يَدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute