السَّادِسُ: اجْتِمَاعُ التَّعْزِيرِ مَعَ الْغُرْمِ، وَفِي ذَلِكَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْعُقُوبَتَيْنِ: مَالِيَّةٌ وَبَدَنِيَّةٌ.
السَّابِعُ: اعْتِبَارُ الْحِرْزِ، فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْقَطَ الْقَطْعَ عَنْ سَارِقِ الثِّمَارِ مِنَ الشَّجَرَةِ، وَأَوْجَبَهُ عَلَى سَارِقِهِ مِنَ الْجَرِينِ، وَعِنْدَ أبي حنيفة أَنَّ هَذَا لِنُقْصَانِ مَالِيَّتِهِ، لِإِسْرَاعِ الْفَسَادِ إِلَيْهِ، وَجَعَلَ هَذَا أَصْلًا فِي كُلِّ مَا نَقَصَتْ مَالِيَّتُهُ بِإِسْرَاعِ الْفَسَادِ إِلَيْهِ. وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ أَصَحُّ، فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ لَهُ ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ: حَالَةٌ لَا شَيْءَ فِيهَا، وَهُوَ مَا إِذَا أَكَلَ مِنْهُ بِفِيهِ، وَحَالَةٌ يُغَرَّمُ مِثْلَيْهِ، وَيُضْرَبُ مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ، وَهُوَ مَا إِذَا أَخَذَهُ مِنْ شَجَرِهِ وَأَخْرَجَهُ، وَحَالَةٌ يُقْطَعُ فِيهَا، وَهُوَ مَا إِذَا سَرَقَهُ مِنْ بَيْدَرِهِ سَوَاءٌ كَانَ قَدِ انْتَهَى جَفَافُهُ أَوْ لَمْ يَنْتَهِ، فَالْعِبْرَةُ لِلْمَكَانِ وَالْحِرْزِ لَا لِيُبْسِهِ وَرُطُوبَتِهِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْقَطَ الْقَطْعَ عَنْ سَارِقِ الشَّاةِ مِنْ مَرْعَاهَا، وَأَوْجَبَهُ عَلَى سَارِقِهَا مِنْ عَطَنِهَا فَإِنَّهُ حِرْزُهَا.
الثَّامِنُ: إِثْبَاتُ الْعُقُوبَاتِ الْمَالِيَّةِ، وَفِيهِ عِدَّةُ سُنَنٍ ثَابِتَةٍ لَا مُعَارِضَ لَهَا، وَقَدْ عَمِلَ بِهَا الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَأَكْثَرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
التَّاسِعُ: أَنَّ الْإِنْسَانَ حِرْزٌ لِثِيَابِهِ وَلِفِرَاشِهِ الَّذِي هُوَ نَائِمٌ عَلَيْهِ أَيْنَ كَانَ، سَوَاءٌ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ فِي غَيْرِهِ.
الْعَاشِرُ: أَنَّ الْمَسْجِدَ حِرْزٌ لِمَا يُعْتَادُ وَضْعُهُ فِيهِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطَعَ مَنْ سَرَقَ مِنْهُ تُرْسًا، وَعَلَى هَذَا فَيُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ حَصِيرِهِ وَقَنَادِيلِهِ وَبُسُطِهِ، وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أحمد وَغَيْرِهِ. وَمَنْ لَمْ يَقْطَعْهُ، قَالَ: لَهُ فِيهَا حَقٌّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا حَقٌّ، قُطِعَ كَالذِّمِّيِّ.
الْحَادِي عَشَرَ: أَنَّ الْمُطَالَبَةَ فِي الْمَسْرُوقِ شَرْطٌ فِي الْقَطْعِ، فَلَوْ وَهَبَهُ إِيَّاهُ، أَوْ بَاعَهُ قَبْلَ رَفْعِهِ إِلَى الْإِمَامِ، سَقَطَ عَنْهُ الْقَطْعُ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute