للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّفَلِ، قَالَ مالك: وَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَلِكَ، وَلَا فَعَلَهُ فِي غَيْرِ يَوْمِ حُنَيْنٍ، وَلَا فَعَلَهُ أبو بكر، وَلَا عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: وَلَمْ يُعْطِ غَيْرَ الْبَرَاءِ بْنِ مَالِكٍ سَلَبَ قَتِيلِهِ وَخَمَّسَهُ.

قَالَ أَصْحَابُهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: ٤١] فَجَعَلَ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ الْغَنِيمَةِ لِمَنْ غَنِمَهَا، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُؤْخَذَ شَيْءٌ مِمَّا جَعَلَهُ اللَّهُ لَهُمْ بِالِاحْتِمَالِ.

وَأَيْضًا فَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْآيَةُ إِنَّمَا هِيَ فِي غَيْرِ الْأَسْلَابِ لَمْ يُؤَخِّرِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُكْمَهَا إِلَى حُنَيْنٍ، وَقَدْ نَزَلَتْ فِي قِصَّةِ بَدْرٍ، وَأَيْضًا إِنَّمَا قَالَ: ( «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ» ) ، بَعْدَ أَنْ بَرُدَ الْقِتَالُ. وَلَوْ كَانَ أَمْرًا مُتَقَدِّمًا، لَعَلِمَهُ أَبُو قَتَادَةَ فَارِسُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَحَدُ أَكَابِرِ أَصْحَابِهِ، وَهُوَ لَمْ يَطْلُبْهُ حَتَّى سَمِعَ مُنَادِيَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ذَلِكَ.

قَالُوا: وَأَيْضًا فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ بِشَهَادَةِ وَاحِدٍ بِلَا يَمِينٍ، فَلَوْ كَانَ مِنْ رَأْسِ الْغَنِيمَةِ لَمْ يَخْرُجْ حَقُّ مَغْنَمٍ إِلَّا بِمَا تُخْرَجُ بِهِ الْأَمْلَاكُ مِنَ الْبَيِّنَاتِ، أَوْ شَاهِدٍ وَيَمِينٍ.

قَالُوا: وَأَيْضًا فَلَوْ وَجَبَ لِلْقَاتِلِ وَلَمْ يَجِدْ بَيِّنَةً لَكَانَ يُوقَفُ كَاللُّقَطَةِ وَلَا يُقْسَمْ، وَهُوَ إِذَا لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةً يُقْسَمُ، فَخَرَجَ مِنْ مَعْنَى الْمِلْكِ، وَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ إِلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ يَجْعَلُهُ مِنَ الْخُمُسِ الَّذِي يُجْعَلُ فِي غَيْرِهِ، هَذَا مَجْمُوعُ مَا احْتُجَّ بِهِ لِهَذَا الْقَوْلِ.

قَالَ الْآخَرُونَ: قَدْ قَالَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَعَلَهُ قَبْلَ حُنَيْنٍ بِسِتَّةِ أَعْوَامٍ، فَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فِي " صَحِيحِهِ ": ( «أَنَّ مُعَاذَ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ وَمُعَاذَ بْنَ عَفْرَاءَ الْأَنْصَارِيَّيْنِ ضَرَبَا أبا جهل بن هشام يَوْمَ بَدْرٍ بِسَيْفَيْهِمَا حَتَّى قَتَلَاهُ، فَانْصَرَفَا إِلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>