للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «لَا يُعْزَلُ عَنِ الْحُرَّةِ إِلَّا بِإِذْنِهَا» ) فَقَالَ مَا أَنْكَرَهُ.

فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ صَرِيحَةٌ فِي جَوَازِ الْعَزْلِ، وَقَدْ رُوِيَتِ الرُّخْصَةُ فِيهِ عَنْ عَشَرَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ علي وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وأبي أيوب وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وجابر وَابْنِ عَبَّاسٍ والحسن بن علي وَخَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: وَجَاءَتِ الْإِبَاحَةُ لِلْعَزْلِ صَحِيحَةً عَنْ جابر وَابْنِ عَبَّاسٍ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ.

وَحَرَّمَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ أبو محمد ابن حزم وَغَيْرُهُ.

وَفَرَّقَتْ طَائِفَةٌ بَيْنَ أَنْ تَأْذَنَ لَهُ الْحُرَّةُ، فَيُبَاحُ أَوْ لَا تَأْذَنُ فَيَحْرُمُ، وَإِنْ كَانَتْ زَوْجَتُهُ أَمَةً أُبِيحَ بِإِذْنِ سَيِّدِهَا، وَلَمْ يُبَحْ بِدُونِ إِذْنِهِ، وَهَذَا مَنْصُوصُ أحمد، وَمِنْ أَصْحَابِهِ مَنْ قَالَ: لَا يُبَاحُ بِحَالٍ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يُبَاحُ بِكُلِّ حَالٍ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يُبَاحُ بِإِذْنِ الزَّوْجَةِ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً وَلَا يُبَاحُ بِدُونِ إِذْنِهَا حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً.

فَمَنْ أَبَاحَهُ مُطْلَقًا احْتَجَّ بِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْأَحَادِيثِ، وَبِأَنَّ حَقَّ الْمَرْأَةِ فِي ذَوْقِ الْعُسَيْلَةِ لَا فِي الْإِنْزَالِ، وَمَنْ حَرَّمَهُ مُطْلَقًا احْتَجَّ بِمَا رَوَاهُ مسلم فِي " صَحِيحِهِ " مِنْ حَدِيثِ عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنْ (جدامة بنت وهب أخت عكاشة قَالَ: «حَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أُنَاسٍ فَسَأَلُوهُ عَنِ الْعَزْلِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ذَلِكَ الْوَأْدُ الْخَفِيُّ " وَهِيَ {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ} [التكوير: ٨] » ) قَالُوا: وَهَذَا نَاسِخٌ لِأَخْبَارِ الْإِبَاحَةِ فَإِنَّهُ نَاقِلٌ عَنِ الْأَصْلِ وَأَحَادِيثُ الْإِبَاحَةِ عَلَى وَفْقِ الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ، وَأَحْكَامُ الشَّرْعِ نَاقِلَةٌ عَنِ الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ. قَالُوا: وَقَوْلُ جابر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ( «كُنَّا نَعْزِلُ وَالْقُرْآنُ يَنْزِلُ فَلَوْ كَانَ شَيْئًا يَنْهَى عَنْهُ لَنَهَى عَنْهُ الْقُرْآنُ» ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>