للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَبَرٌ لَا يَصِحُّ. ثُمَّ لَمَّا صَحَّ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حُجَّةٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُمَا كَانَا زَوْجَيْنِ، بَلْ قَالَ: كَانَ لَهَا عَبْدٌ وَجَارِيَةٌ. ثُمَّ لَوْ كَانَا زَوْجَيْنِ لَمْ يَكُنْ فِي أَمْرِهَا لَهَا بِعِتْقِ الْعَبْدِ أَوَّلًا مَا يُسْقِطُ خِيَارَ الْمُعْتَقَةِ تَحْتَ الْحُرِّ، وَلَيْسَ فِي الْخَبَرِ أَنَّهُ أَمَرَهَا بِالِابْتِدَاءِ بِالزَّوْجِ لِهَذَا الْمَعْنَى، بَلِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَمَرَهَا بِأَنْ تَبْتَدِئَ بِالذَّكَرِ لِفَضْلِ عِتْقِهِ عَلَى الْأُنْثَى، وَأَنَّ عِتْقَ أُنْثَيَيْنِ يَقُومُ مَقَامَ عِتْقِ ذَكَرٍ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ مُبَيَّنًا.

وَأَمَّا الْحَدِيثُ الثَّانِي: فَضُعِّفَ لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ الفضل بن حسن بن عمرو بن أمية الضمري وَهُوَ مَجْهُولٌ. فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا وَظَهَرَ حُكْمُ الشَّرْعِ فِي إِثْبَاتِ الْخِيَارِ لَهَا، فَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «إِذَا أُعْتِقَتِ الْأَمَةُ فَهِيَ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَطَأْهَا إِنْ شَاءَتْ فَارَقَتْهُ وَإِنْ وَطِئَهَا فَلَا خِيَارَ لَهَا وَلَا تَسْتَطِيعُ فِرَاقَهُ» ) وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا قَضِيَّتَانِ:

إِحْدَاهُمَا: أَنَّ خِيَارَهَا عَلَى التَّرَاخِي مَا لَمْ تُمَكِّنْهُ مِنْ وَطِئَهَا وَهَذَا مَذْهَبُ مالك وأبي حنيفة وأحمد. وَلِلشَّافِعِيِّ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: هَذَا أَحَدُهَا. وَالثَّانِي: أَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ إِلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ.

الثَّانِيَةُ: أَنَّهَا إِذَا مَكَّنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا فَوَطِئَهَا سَقَطَ خِيَارُهَا وَهَذَا إِذَا عَلِمَتْ بِالْعِتْقِ وَثُبُوتِ الْخِيَارِ بِهِ، فَلَوْ جَهِلَتْهُمَا لَمْ يَسْقُطْ خِيَارُهَا بِالتَّمْكِينِ مِنَ الْوَطْءِ.

وَعَنْ أحمد رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ: أَنَّهَا لَا تُعْذَرُ بِجَهْلِهَا بِمِلْكِ الْفَسْخِ، بَلْ إِذَا عَلِمَتْ بِالْعِتْقِ وَمَكَّنَتْهُ مِنْ وَطِئَهَا سَقَطَ خِيَارُهَا وَلَوْ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ لَهَا الْفَسْخَ، وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى أَصَحُّ فَإِنْ عَتَقَ الزَّوْجُ قَبْلَ أَنْ تَخْتَارَ - وَقُلْنَا: إِنَّهُ لَا خِيَارَ لِلْمُعْتَقَةِ تَحْتَ حُرٍّ - بَطَلَ خِيَارُهَا لِمُسَاوَاةِ الزَّوْجِ لَهَا، وَحُصُولِ الْكَفَاءَةِ قَبْلَ الْفَسْخِ.

قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ - وَلَيْسَ هُوَ الْمَنْصُورَ عِنْدَ أَصْحَابِهِ -: لَهَا الْفَسْخُ لِتَقَدُّمِ مِلْكِ الْخِيَارِ عَلَى الْعِتْقِ، فَلَا يُبْطِلُهُ، وَالْأَوَّلُ أَقْيَسُ لِزَوَالِ سَبَبِ الْفَسْخِ بِالْعِتْقِ، وَكَمَا لَوْ زَالَ الْعَيْبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>