وَعَجْنُهُ وَغَسِيلُهُ وَفَرْشُهُ وَقِيَامُهُ بِخِدْمَةِ الْبَيْتِ فَمِنَ الْمُنْكَرِ، وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٢٨] [الْبَقَرَةِ:٢٢٨] ، وَقَالَ: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء: ٣٤] [النِّسَاءِ: ٣٤] وَإِذَا لَمْ تَخْدِمْهُ الْمَرْأَةُ، بَلْ يَكُونُ هُوَ الْخَادِمَ لَهَا، فَهِيَ الْقَوَّامَةُ عَلَيْهِ.
وَأَيْضًا: فَإِنَّ الْمَهْرَ فِي مُقَابَلَةِ الْبُضْعِ، وَكُلٌّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ يَقْضِي وَطَرَهُ مِنْ صَاحِبِهِ، فَإِنَّمَا أَوْجَبَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ نَفَقَتَهَا وَكُسْوَتَهَا وَمَسْكَنَهَا فِي مُقَابَلَةِ اسْتِمْتَاعِهِ بِهَا وَخِدْمَتِهَا، وَمَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الْأَزْوَاجِ.
وَأَيْضًا فَإِنَّ الْعُقُودَ الْمُطْلَقَةَ إِنَّمَا تَنْزِلُ عَلَى الْعُرْفِ، وَالْعُرْفُ خِدْمَةُ الْمَرْأَةِ وَقِيَامُهَا بِمَصَالِحِ الْبَيْتِ الدَّاخِلَةِ، وَقَوْلُهُمْ: إِنَّ خِدْمَةَ فاطمة وأسماء كَانَتْ تَبَرُّعًا وَإِحْسَانًا يَرُدُّهُ أَنَّ فاطمة كَانَتْ تَشْتَكِي مَا تَلْقَى مِنَ الْخِدْمَةِ، فَلَمْ يَقُلْ لعلي: لَا خِدْمَةَ عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا هِيَ عَلَيْكَ وَهُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُحَابِي فِي الْحُكْمِ أَحَدًا، وَلَمَّا رَأَى أسماء وَالْعَلَفَ عَلَى رَأْسِهَا، والزبير مَعَهُ لَمْ يَقُلْ: لَهُ لَا خِدْمَةَ عَلَيْهَا، وَأَنَّ هَذَا ظُلْمٌ لَهَا، بَلْ أَقَرَّهُ عَلَى اسْتِخْدَامِهَا، وَأَقَرَّ سَائِرَ أَصْحَابِهِ عَلَى اسْتِخْدَامِ أَزْوَاجِهِمْ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّ مِنْهُنَّ الْكَارِهَةَ وَالرَّاضِيَةَ هَذَا أَمْرٌ لَا رَيْبَ فِيهِ.
وَلَا يَصِحُّ التَّفْرِيقُ بَيْنَ شَرِيفَةٍ وَدَنِيئَةٍ وَفَقِيرَةٍ وَغَنِيَّةٍ فَهَذِهِ أَشْرَفُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ، كَانَتْ تَخْدِمُ زَوْجَهَا وَجَاءَتْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَشْكُو إِلَيْهِ الْخِدْمَةَ، فَلَمْ يُشْكِهَا، وَقَدْ سَمَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الْمَرْأَةَ عَانِيَةً، فَقَالَ: ( «اتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّهُنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ» ) .
وَالْعَانِي: الْأَسِيرُ، وَمَرْتَبَةُ الْأَسِيرِ خِدْمَةُ مَنْ هُوَ تَحْتَ يَدِهِ وَلَا رَيْبَ أَنَّ النِّكَاحِ نَوْعٌ مِنَ الرِّقِّ، كَمَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: النِّكَاحُ رِقٌّ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ عِنْدَ مَنْ يُرِقُّ كَرِيمَتَهُ، وَلَا يَخْفَى عَلَى الْمُنْصِفِ الرَّاجِحُ مِنَ الْمَذْهَبَيْنِ وَالْأَقْوَى مِنَ الدَّلِيلَيْنِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute