يَصِحُّ عَنْ علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَأَمْثَلُهَا: أَثَرُ ابْنِ مَسْعُودٍ عَلَى سُوءِ حِفْظِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى ثُمَّ غَايَتُهُ إِنْ كَانَ مَحْفُوظًا أَنْ يَدُلَّ عَلَى أَنَّ الطَّلْقَةَ فِي الْخُلْعِ تَقَعُ بَائِنَةً لَا أَنَّ الْخُلْعَ يَكُونُ طَلَاقًا بَائِنًا وَبَيْنَ الْأَمْرَيْنِ فَرْقٌ ظَاهِرٌ.
وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِطَلَاقٍ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى رَتَّبَ عَلَى الطَّلَاقِ بَعْدَ الدُّخُولِ الَّذِي لَمْ يَسْتَوْفِ عَدَدَهُ ثَلَاثَةَ أَحْكَامٍ كُلُّهَا مُنْتَفِيَةٌ عَنِ الْخُلْعِ.
أَحَدُهَا: أَنَّ الزَّوْجَ أَحَقُّ بِالرَّجْعَةِ فِيهِ.
الثَّانِي: أَنَّهُ مَحْسُوبٌ مِنَ الثَّلَاثِ فَلَا تَحِلُّ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْعَدَدِ إِلَّا بَعْدَ زَوْجٍ وَإِصَابَةٍ.
الثَّالِثُ أَنَّ الْعِدَّةَ فِيهِ ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ.
وَقَدْ ثَبَتَ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ أَنَّهُ لَا رَجْعَةَ فِي الْخُلْعِ، وَثَبَتَ بِالسُّنَّةِ وَأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ أَنَّ الْعِدَّةَ فِيهِ حَيْضَةٌ وَاحِدَةٌ، وَثَبَتَ بِالنَّصِّ جَوَازُهُ بَعْدَ طَلْقَتَيْنِ، وَوُقُوعِ ثَالِثَةٍ بَعْدَهُ، وَهَذَا ظَاهِرٌ جِدًّا فِي كَوْنِهِ لَيْسَ بِطَلَاقٍ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ قَالَ: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: ٢٢٩] [الْبَقَرَةِ: ٢٢٩] وَهَذَا وَإِنْ لَمْ يَخْتَصَّ بِالْمُطَلَّقَةِ تَطْلِيقَتَيْنِ، فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُهَا وَغَيْرَهُمَا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ إِلَى مَنْ لَمْ يُذْكَرْ، وَيُخْلَى مِنْهُ الْمَذْكُورُ، بَلْ إِمَّا أَنْ يَخْتَصَّ بِالسَّابِقِ أَوْ يَتَنَاوَلَهُ وَغَيْرَهُ.
ثُمَّ قَالَ: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ} [البقرة: ٢٣٠] وَهَذَا يَتَنَاوَلُ مَنْ طُلِّقَتْ بَعْدَ فِدْيَةٍ وَطَلْقَتَيْنِ قَطْعًا لِأَنَّهَا هِيَ الْمَذْكُورَةُ، فَلَا بُدَّ مِنْ دُخُولِهَا تَحْتَ اللَّفْظِ، وَهَكَذَا فَهِمَ تُرْجُمَانُ الْقُرْآنِ الَّذِي دَعَا لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعَلِّمَهُ اللَّهُ تَأْوِيلَ الْقُرْآنِ وَهِيَ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ بِلَا شَكٍّ.
وَإِذَا كَانَتْ أَحْكَامُ الْفِدْيَةِ غَيْرَ أَحْكَامِ الطَّلَاقِ دَلَّ عَلَى أَنَّهَا مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ فَهَذَا مُقْتَضَى النَّصِّ وَالْقِيَاسِ وَأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ، ثُمَّ مَنْ نَظَرَ إِلَى حَقَائِقِ الْعُقُودِ وَمَقَاصِدِهَا دُونَ أَلْفَاظِهَا يَعُدُّ الْخُلْعَ فَسْخًا بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ حَتَّى بِلَفْظِ الطَّلَاقِ، وَهَذَا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِ أحمد وَهُوَ اخْتِيَارُ شَيْخِنَا. قَالَ: وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ أحمد وَكَلَامِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَصْحَابِهِ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَقُولُ مَا أَجَازَهُ الْمَالُ فَلَيْسَ بِطَلَاقٍ.
قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute