أَنْتُمْ إِلَّا عَبِيدٌ لِأَبِي، فَنَكَصَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى عَقِبَيْهِ» . وَهَذَا الْقَوْلُ لَوْ قَالَهُ غَيْرُ سَكْرَانَ، لَكَانَ رِدَّةً وَكُفْرًا، وَلَمْ يُؤَاخَذْ بِذَلِكَ حمزة.
وَصَحَّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: (لَيْسَ لِمَجْنُونٍ، وَلَا سَكْرَانَ طَلَاقٌ) ، رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ وَكِيعٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ.
وَقَالَ عطاء: (طَلَاقُ السَّكْرَانِ لَا يَجُوزُ) ، وَقَالَ ابن طاووس عَنْ أَبِيهِ: (طَلَاقُ السَّكْرَانِ لَا يَجُوزُ) . وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ: لَا يَجُوزُ طَلَاقُهُ.
وَصَحَّ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ أُتِيَ بِسَكْرَانَ طَلَّقَ، فَاسْتَحْلَفَهُ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ: لَقَدْ طَلَّقَهَا وَهُوَ لَا يَعْقِلُ، فَحَلَفَ، فَرَدَّ إِلَيْهِ امْرَأَتَهُ، وَضَرَبَهُ الْحَدَّ.
وَهُوَ مَذْهَبُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، وحميد بن عبد الرحمن، وربيعة، وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وعبد الله بن الحسن، وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَالشَّافِعِيِّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ، وَاخْتَارَهُ المزني وَغَيْرُهُ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ، وَمَذْهَبُ أحمد فِي إِحْدَى الرِّوَايَاتِ عَنْهُ، وَهِيَ الَّتِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهَا مَذْهَبُهُ، وَصَرَّحَ بِرُجُوعِهِ إِلَيْهَا، فَقَالَ فِي رِوَايَةِ أبي طالب: الَّذِي لَا يَأْمُرُ بِالطَّلَاقِ، إِنَّمَا أَتَى خَصْلَةً وَاحِدَةً، وَالَّذِي يَأْمُرُ بِالطَّلَاقِ فَقَدْ أَتَى خَصْلَتَيْنِ؛ حَرَّمَهَا عَلَيْهِ، وَأَحَلَّهَا لِغَيْرِهِ، فَهَذَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا، وَأَنَا أَتَّقِي جَمِيعًا. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ الميموني: قَدْ كُنْتُ أَقُولُ إِنَّ طَلَاقَ السَّكْرَانِ يَجُوزُ حَتَّى تَبَيَّنْتُهُ، فَغَلَبَ عَلَيَّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ طَلَاقُهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ، لَمْ يَلْزَمْهُ، وَلَوْ بَاعَ لَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute