للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْبَقَرَةِ: ٢٤١] ، وَهَذِهِ مُطَلَّقَةٌ وَهِيَ عُمُومَاتٌ لَا يَجُوزُ تَخْصِيصُهَا إِلَّا بِنَصٍّ أَوْ إِجْمَاعٍ.

قَالُوا: وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ دَلِيلٌ عَلَى وُقُوعِ الطَّلَاقِ الْمُحَرَّمِ مِنْ وُجُوهٍ. أَحَدُهَا: الْأَمْرُ بِالْمُرَاجَعَةِ، وَهِيَ لَمُّ شَعَثِ النِّكَاحِ، وَإِنَّمَا شَعَثُهُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ.

الثَّانِي: قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ فَرَاجَعْتُهَا، وَحَسَبْتُ لَهَا التَّطْلِيقَةَ الَّتِي طَلَّقَهَا، وَكَيْفَ يُظَنُّ بِابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ يُخَالِفُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَحْسِبُهَا مِنْ طَلَاقِهَا، وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَرَهَا شَيْئًا.

الثَّالِثُ: ( «قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ لَمَّا قِيلَ لَهُ: أَيُحْتَسَبُ بِتِلْكَ التَّطْلِيقَةِ؟ قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ عَجَزَ وَاسْتَحْمَقَ» ) أَيْ: عَجْزُهُ وَحُمْقُهُ لَا يَكُونُ عُذْرًا لَهُ فِي عَدَمِ احْتِسَابِهِ بِهَا.

الرَّابِعُ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: وَمَا يَمْنَعُنِي أَنْ أَعْتَدَّ بِهَا، وَهَذَا إِنْكَارٌ مِنْهُ لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِهَا، وَهَذَا يُبْطِلُ تِلْكَ اللَّفْظَةَ الَّتِي رَوَاهَا عَنْهُ أبو الزبير، إِذْ كَيْفَ يَقُولُ ابْنُ عُمَرَ: وَمَا يَمْنَعُنِي أَنْ أَعْتَدَّ بِهَا؟ وَهُوَ يَرَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ رَدَّهَا عَلَيْهِ، وَلَمْ يَرَهَا شَيْئًا.

الْخَامِسُ: أَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ عُمَرَ الِاعْتِدَادُ بِالطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ، وَهُوَ صَاحِبُ الْقِصَّةِ، وَأَعْلَمُ النَّاسِ بِهَا، وَأَشَدُّهُمُ اتِّبَاعًا لِلسُّنَنِ، وَتَحَرُّجًا مِنْ مُخَالَفَتِهَا. قَالُوا: وَقَدْ رَوَى ابن وهب فِي " جَامِعِهِ "، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ أَنَّ نافعا أَخْبَرَهُمْ، ( «عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَسَأَلَ عمر رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: " مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لْيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ، فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ وَهِيَ وَاحِدَةٌ» ) ، هَذَا لَفْظُ حَدِيثِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>