قَالُوا: وَكَذَلِكَ الْقَذْفُ مُحَرَّمٌ، وَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ أَثَرُهُ مِنَ الْحَدِّ، وَرَدِّ الشَّهَادَةِ وَغَيْرِهِمَا.
قَالُوا: وَالْفَرْقُ بَيْنَ النِّكَاحِ الْمُحَرَّمِ، وَالطَّلَاقِ الْمُحَرَّمِ أَنَّ النِّكَاحَ عَقْدٌ يَتَضَمَّنُ حِلَّ الزَّوْجَةِ وَمِلْكَ بُضْعِهَا، فَلَا يَكُونُ إِلَّا عَلَى الْوَجْهِ الْمَأْذُونِ فِيهِ شَرْعًا، فَإِنَّ الْأَبْضَاعَ فِي الْأَصْلِ عَلَى التَّحْرِيمِ، وَلَا يُبَاحُ مِنْهَا إِلَّا مَا أَبَاحَهُ الشَّارِعُ، بِخِلَافِ الطَّلَاقِ، فَإِنَّهُ إِسْقَاطٌ لِحَقِّهِ وَإِزَالَةٌ لِمِلْكِهِ، وَذَلِكَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى كَوْنِ السَّبَبِ الْمُزِيلِ مَأْذُونًا فِيهِ شَرْعًا، كَمَا يَزُولُ مِلْكُهُ عَنِ الْعَيْنِ بِالْإِتْلَافِ الْمُحَرَّمِ، وَبِالْإِقْرَارِ الْكَاذِبِ، وَبِالتَّبَرُّعِ الْمُحَرَّمِ كَهِبَتِهَا لِمَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَسْتَعِينُ بِهَا عَلَى الْمَعَاصِي وَالْآثَامِ.
قَالُوا: وَالْإِيمَانُ أَصْلُ الْعُقُودِ وَأَجَلُّهَا وَأَشْرَفُهَا، يَزُولُ بِالْكَلَامِ الْمُحَرَّمِ إِذَا كَانَ كُفْرًا، فَكَيْفَ لَا يَزُولُ عَقْدُ النِّكَاحِ بِالطَّلَاقِ الْمُحَرَّمِ الَّذِي وُضِعَ لِإِزَالَتِهِ.
قَالُوا: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَنَا فِي الْمَسْأَلَةِ إِلَّا طَلَاقُ الْهَازِلِ، فَإِنَّهُ يَقَعُ مَعَ تَحْرِيمِهِ لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ الْهَزْلُ بِآيَاتِ اللَّهِ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَتَّخِذُونَ آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا: طَلَّقْتُكِ رَاجَعْتُكِ، طَلَّقْتُكِ رَاجَعْتُكِ» ) ، فَإِذَا وَقَعَ طَلَاقُ الْهَازِلِ مَعَ تَحْرِيمِهِ، فَطَلَاقُ الْجَادِّ أَوْلَى أَنْ يَقَعَ مَعَ تَحْرِيمِهِ.
قَالُوا: وَفَرْقٌ آخَرُ بَيْنَ النِّكَاحِ الْمُحَرَّمِ، وَالطَّلَاقِ الْمُحَرَّمِ، أَنَّ النِّكَاحَ نِعْمَةٌ فَلَا تُسْتَبَاحُ بِالْمُحَرَّمَاتِ، وَإِزَالَتُهُ وَخُرُوجُ الْبُضْعِ عَنْ مِلْكِهِ نِقْمَةٌ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ سَبَبُهَا مُحَرَّمًا.
قَالُوا: وَأَيْضًا فَإِنَّ الْفُرُوجَ يُحْتَاطُ لَهَا، وَالِاحْتِيَاطُ يَقْتَضِي وُقُوعَ الطَّلَاقِ، وَتَجْدِيدَ الرَّجْعَةِ وَالْعَقْدِ.
قَالُوا: وَقَدْ عَهِدْنَا النِّكَاحَ لَا يُدْخَلُ فِيهِ إِلَّا بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّأْكِيدِ مِنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَالْوَلِيِّ وَالشَّاهِدَيْنِ، وَرِضَى الزَّوْجَةِ الْمُعْتَبَرِ رِضَاهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute