عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، وَرُوِيَ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ. قُلْتُ: الثابت عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَابْنِ عُمَرَ مَا رَوَاهُ هُوَ مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أبي هبيرة عَنْ قبيصة، أَنَّهُ سَأَلَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، وَابْنَ عُمَرَ، عَمَّنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ. أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، فَقَالَا جَمِيعًا: كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَلَمْ يَصِحَّ عَنْهُمَا خِلَافُ ذَلِكَ، وَأَمَّا عَلِيٌّ، فَقَدْ رَوَى أبو محمد ابن حزم مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى الْقَطَّانِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: يَقُولُ رِجَالٌ فِي الْحَرَامِ، هِيَ حَرَامٌ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ، وَلَا وَاللَّهِ مَا قَالَ ذَلِكَ علي، وَإِنَّمَا قَالَ علي: (مَا أَنَا بِمُحِلِّهَا، وَلَا بِمُحَرِّمِهَا عَلَيْكَ، إِنْ شِئْتَ فَتَقَدَّمْ، وَإِنْ شِئْتَ فَتَأَخَّرْ)
وَأَمَّا الحسن، فَقَدْ رَوَى أبو محمد مِنْ طَرِيقِ قتادة عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: (كُلُّ حَلَالٍ عَلَيَّ حَرَامٌ فَهُوَ يَمِينٌ) وَلَعَلَّ أبا محمد غَلِطَ عَلَى علي وزيد، وَابْنِ عُمَرَ، مِنْ مَسْأَلَةِ الْخَلِيَّةِ وَالْبَرِيَّةِ وَالْبَتَّةِ، فَإِنَّ أحمد حَكَى عَنْهُمْ أَنَّهَا ثَلَاثٌ.
وَقَالَ هُوَ عَنْ علي وَابْنِ عُمَرَ صَحِيحٌ، فَوَهِمَ أبو محمد وَحَكَاهُ فِي: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَهُوَ وَهْمٌ ظَاهِرٌ، فَإِنَّهُمْ فَرَّقُوا بَيْنَ التَّحْرِيمِ فَأَفْتَوْا فِيهِ بِأَنَّهُ يَمِينٌ، وَبَيْنَ الْخَلِيَّةِ فَأَفْتَوْا فِيهَا بِالثَّلَاثِ، وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ إِنَّهُ ثَلَاثٌ بِكُلِّ حَالٍ.
الْمَذْهَبُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ ثَلَاثٌ فِي حَقِّ الْمَدْخُولِ بِهَا لَا يُقْبَلُ مِنْهُ غَيْرُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا وَقَعَ مَا نَوَاهُ مِنْ وَاحِدَةٍ وَاثْنَتَيْنِ وَثَلَاثٍ، فَإِنْ أَطْلَقَ فَوَاحِدَةٌ، وَإِنْ قَالَ لَمْ أُرِدْ طَلَاقًا، فَإِنْ كَانَ قَدْ تَقَدَّمَ كَلَامٌ يَجُوزُ صَرْفُهُ إِلَيْهِ قُبِلَ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ ابْتِدَاءً لَمْ يُقْبَلْ، وَإِنْ حَرَّمَ أَمَتَهُ، أَوْ طَعَامَهُ، أَوْ مَتَاعَهُ، فَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَهَذَا مَذْهَبُ مالك.
الْمَذْهَبُ الرَّابِعُ: أَنَّهُ إِنْ نَوَى الطَّلَاقَ، كَانَ طَلَاقًا، ثُمَّ إِنْ نَوَى بِهِ الثَّلَاثَ فَثَلَاثٌ، وَإِنْ نَوَى دُونَهَا فَوَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ، وَإِنْ نَوَى يَمِينًا فَهُوَ يَمِينٌ فِيهَا كَفَّارَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَهُوَ إِيلَاءٌ فِيهِ حُكْمُ الْإِيلَاءِ. فَإِنْ نَوَى الْكَذِبَ صُدِّقَ فِي الْفُتْيَا، وَلَمْ يَكُنْ شَيْئًا، وَيَكُونُ فِي الْقَضَاءِ إِيلَاءً، وَإِنْ صَادَفَ غَيْرَ الزَّوْجَةِ الْأَمَةَ وَالطَّعَامَ وَغَيْرَهُ، فَهُوَ يَمِينٌ فِيهِ كَفَّارَتُهَا وَهَذَا مَذْهَبُ أبي حنيفة.
الْمَذْهَبُ الْخَامِسُ: أَنَّهُ إِنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ، كَانَ طَلَاقًا، وَيَقَعُ مَا نَوَاهُ فَإِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute