عَنْهُ ذَلِكَ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ، وَأَجْوَدُ مَا فِيهِ حَدِيثُ عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( «كَانَ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَرْفَعُ بِهَا صَوْتَهُ حَتَّى يُوقِظَنَا» ) وَهُوَ حَدِيثٌ مَعْلُولٌ، وَهُوَ فِي السُّنَنِ، لَكِنَّهُ كَانَ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ، وَالَّذِينَ رَوَوْا عَنْهُ التَّسْلِيمَتَيْنِ رَوَوْا مَا شَاهَدُوهُ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفْلِ، عَلَى أَنَّ حَدِيثَ عائشة لَيْسَ صَرِيحًا فِي الِاقْتِصَارِ عَلَى التَّسْلِيمَةِ الْوَاحِدَةِ، بَلْ أَخْبَرَتْ أَنَّهُ كَانَ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً يُوقِظُهُمْ بِهَا، وَلَمْ تَنْفِ الْأُخْرَى، بَلْ سَكَتَتْ عَنْهَا، وَلَيْسَ سُكُوتُهَا عَنْهَا مُقَدَّمًا عَلَى رِوَايَةِ مَنْ حَفِظَهَا وَضَبَطَهَا، وَهُمْ أَكْثَرُ عَدَدًا، وَأَحَادِيثُهُمْ أَصَحُّ، وَكَثِيرٌ مِنْ أَحَادِيثِهِمْ صَحِيحٌ، وَالْبَاقِي حِسَانٌ.
قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: رُوِيَ «عَنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً» مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَمِنْ حَدِيثِ عائشة، وَمِنْ حَدِيثِ أنس، إِلَّا أَنَّهَا مَعْلُولَةٌ، وَلَا يُصَحِّحُهَا أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ، ثُمَّ ذَكَرَ عِلَّةَ حَدِيثِ سعد: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُسَلِّمُ فِي الصَّلَاةِ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً» . قَالَ: وَهَذَا وَهْمٌ وَغَلَطٌ، وَإِنَّمَا الْحَدِيثُ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ» ، ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عامر بن سعد، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: ( «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ، حَتَّى كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى صَفْحَةِ خَدِّهِ» ) فَقَالَ الزُّهْرِيُّ: مَا سَمِعْنَا هَذَا مِنْ حَدِيثِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute