للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِيهِ أَيْضًا: عَنْ سلمة بن صخر، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمُظَاهِرِ يُوَاقِعُ قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ، فَقَالَ: (كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ) وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ انْتَهَى، وَفِيهِ انْقِطَاعٌ بَيْنَ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَسَلَمَةَ بن صخر.

وَفِي مُسْنَدِ البزار، عَنْ إسماعيل بن مسلم، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُوسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: ( «أَتَى رَجُلٌ إِلَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إِنِّي ظَاهَرْتُ مِنِ امْرَأَتِي، ثُمَّ وَقَعْتُ عَلَيْهَا قَبْلَ أَنْ أُكَفِّرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: ٣] ؟ فَقَالَ: أَعْجَبَتْنِي، فَقَالَ: أَمْسِكْ عَنْهَا حَتَّى تُكَفِّرَ» ) قَالَ البزار: لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى بِإِسْنَادٍ أَحْسَنَ مِنْ هَذَا، عَلَى أَنَّ إسماعيل بن مسلم قَدْ تُكُلِّمَ فِيهِ، وَرَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ.

فَتَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْأَحْكَامُ أُمُورًا.

أَحَدُهَا: إِبْطَالُ مَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَفِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ مِنْ كَوْنِ الظِّهَارِ طَلَاقًا، وَلَوْ صَرَّحَ بِنِيَّتِهِ لَهُ، فَقَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، أَعْنِي بِهِ الطَّلَاقَ، لَمْ يَكُنْ طَلَاقًا، وَكَانَ ظِهَارًا، وَهَذَا بِالِاتِّفَاقِ، إِلَّا مَا عَسَاهُ مِنْ خِلَافٍ شَاذٍّ، وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ أحمد وَالشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمَا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَوْ ظَاهَرَ يُرِيدُ طَلَاقًا كَانَ ظِهَارًا، أَوْ طَلَّقَ يُرِيدُ ظِهَارًا كَانَ طَلَاقًا، هَذَا لَفْظُهُ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُنْسَبَ إِلَى مَذْهَبِهِ خِلَافُ هَذَا، وَنَصَّ أحمد: عَلَى أَنَّهُ إِذَا قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، أَعْنِي بِهِ الطَّلَاقَ، أَنَّهُ ظِهَارٌ وَلَا تَطْلُقُ بِهِ، وَهَذَا لِأَنَّ الظِّهَارَ كَانَ طَلَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَنُسِخَ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُعَادَ إِلَى الْحُكْمِ الْمَنْسُوخِ.

وَأَيْضًا فأوس بن الصامت إِنَّمَا نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، وَأَجْرَى عَلَيْهِ حُكْمَ الظِّهَارِ دُونَ الطَّلَاقِ.

وَأَيْضًا فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي حُكْمِهِ، فَلَمْ يَجُزْ جَعْلُهُ كِنَايَةً فِي الْحُكْمِ الَّذِي

<<  <  ج: ص:  >  >>