للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبَدًا» )

وَذَكَرَ البيهقي مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( «الْمُتَلَاعِنَانِ إِذَا تَفَرَّقَا لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا» )

قَالَ: وَرُوِّينَا عَنْ علي وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَا: (مَضَتِ السُّنَّةُ فِي الْمُتَلَاعِنَيْنِ أَنْ لَا يَجْتَمِعَا أَبَدًا) قَالَ: وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: (يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَلَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا) وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أحمد وَالشَّافِعِيُّ ومالك وَالثَّوْرِيُّ وأبو عبيد وأبو يوسف.

وَعَنْ أحمد رِوَايَةٌ أُخْرَى: أَنَّهُ إِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ حَلَّتْ لَهُ وَعَادَ فِرَاشُهُ بِحَالِهِ، وَهِيَ رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ شَذَّ بِهَا حنبل عَنْهُ. قَالَ أبو بكر: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَوَاهَا غَيْرَهُ، وَقَالَ صَاحِبُ " الْمُغْنِي ": وَيَنْبَغِي أَنْ تُحْمَلَ هَذِهِ الرِّوَايَةُ عَلَى مَا إِذَا لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا. فَأَمَّا مَعَ تَفْرِيقِ الْحَاكِمِ بَيْنَهُمَا فَلَا وَجْهَ لِبَقَاءِ النِّكَاحِ بِحَالِهِ.

قُلْتُ: الرِّوَايَةُ مُطْلَقَةٌ، وَلَا أَثَرَ لِتَفْرِيقِ الْحَاكِمِ فِي دَوَامِ التَّحْرِيمِ، فَإِنَّ الْفُرْقَةَ الْوَاقِعَةَ بِنَفْسِ اللِّعَانِ أَقْوَى مِنَ الْفُرْقَةِ الْحَاصِلَةِ بِتَفْرِيقِ الْحَاكِمِ، فَإِذَا كَانَ إِكْذَابُ نَفْسِهِ مُؤَثِّرًا فِي تِلْكَ الْفُرْقَةِ الْقَوِيَّةِ رَافِعًا لِلتَّحْرِيمِ النَّاشِئِ مِنْهَا، فَلَأَنْ يُؤَثِّرَ فِي الْفُرْقَةِ الَّتِي هِيَ دُونَهَا، وَيَرْفَعَ تَحْرِيمَهَا أَوْلَى.

وَإِنَّمَا قُلْنَا: إِنَّ الْفُرْقَةَ بِنَفْسِ اللِّعَانِ أَقْوَى مِنَ الْفُرْقَةِ بِتَفْرِيقِ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ فُرْقَةَ اللِّعَانِ تَسْتَنِدُ إِلَى حُكْمِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، سَوَاءٌ رَضِيَ الْحَاكِمُ وَالْمُتَلَاعِنَانِ التَّفْرِيقَ

<<  <  ج: ص:  >  >>