وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لهند: ( «خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ» ) .
وَفِي " سُنَنِ أبي داود " مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: ( «إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ، وَإِنَّ أَوْلَادَكُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ فَكُلُوهُ هَنِيئًا» ) وَرَوَاهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - مَرْفُوعًا.
وَرَوَى النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( «ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِأَهْلِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَهْلِكَ شَيْءٌ فَلِذِي قَرَابَتِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ ذِي قَرَابَتِكَ فَهَكَذَا وَهَكَذَا» ) .
وَهَذَا كُلُّهُ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى} [النساء: ٣٦] [النِّسَاءِ: ٣٦] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ} [الإسراء: ٢٦] [الْإِسْرَاءِ: ٢٦] فَجَعَلَ سُبْحَانَهُ حَقَّ ذِي الْقُرْبَى يَلِي حَقَّ الْوَالِدَيْنِ كَمَا جَعَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَوَاءً بِسَوَاءِ، وَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّ لِذِي الْقُرْبَى حَقًّا عَلَى قَرَابَتِهِ وَأَمَرَ بِإِتْيَانِهِ إِيَّاهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ حَقَّ النَّفَقَةِ فَلَا نَدْرِي أَيَّ حَقٍّ هُوَ. وَأَمَرَ تَعَالَى بِالْإِحْسَانِ إِلَى ذِي الْقُرْبَى. وَمِنْ أَعْظَمِ الْإِسَاءَةِ أَنْ يَرَاهُ يَمُوتُ جُوعًا وَعُرْيًا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى سَدِّ خُلَّتِهِ وَسَتْرِ عَوْرَتِهِ، وَلَا يُطْعِمُهُ لُقْمَةً وَلَا يَسْتُرُ لَهُ عَوْرَةً إِلَّا بِأَنْ يُقْرِضَهُ ذَلِكَ فِي ذِمَّتِهِ، وَهَذَا الْحُكْمُ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُطَابِقٌ لِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى حَيْثُ يَقُولُ: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: ٢٣٣]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute