للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَدْ حَلَّتْ ".

وَابْنُ مَسْعُودٍ يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ: {أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤] [الطَّلَاقِ: ٤] هِيَ فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا، وَالْمُطَلَّقَةُ مِثْلُهَا إِذَا وَضَعَتْ، فَقَدْ حَلَّتْ، وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا، وَلَا تَنْقَضِي عِدَّةُ الْحَامِلِ إِذَا أَسْقَطَتْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ خَلْقُهُ، فَإِذَا بَانَ لَهُ يَدٌ أَوْ رِجْلٌ، عَتَقَتْ بِهِ الْأَمَةُ، وَتَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ، وَإِذَا وَلَدَتْ وَلَدًا وَفِي بَطْنِهَا آخَرُ، لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ حَتَّى تَلِدَ الْآخَرَ، وَلَا تَغِيبُ عَنْ مَنْزِلِهَا الَّذِي أُصِيبَ فِيهِ زَوْجُهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا إِذَا لَمْ تَكُنْ حَامِلًا، وَالْعِدَّةُ مِنْ يَوْمِ يَمُوتُ أَوْ يُطَلِّقُ، هَذَا كَلَامُ أَحْمَدَ.

وَقَدْ تَنَاظَرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: ابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: عِدَّتُهَا وَضْعُ الْحَمْلِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تَعْتَدُّ أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ، فَحَكَّمَا أم سلمة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَحَكَمَتْ لِأَبِي هُرَيْرَةَ، وَاحْتَجَّتْ بِحَدِيثِ سبيعة.

وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَجَعَ.

وَقَالَ جُمْهُورُ الصِّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَالْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ: إِنَّ عِدَّتَهَا وَضْعُ الْحَمْلِ، وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ عَلَى مُغْتَسَلِهِ فَوَضَعَتْ، حَلَّتْ.

قَالَ أَصْحَابُ الْأَجَلَيْنِ: هَذِهِ قَدْ تَنَاوَلَهَا عُمُومَانِ، وَقَدْ أَمْكَنَ دُخُولُهَا فِي كِلَيْهِمَا، فَلَا تَخْرُجُ مِنْ عِدَّتِهَا بِيَقِينِ حَتَّى تَأْتِيَ بِأَقْصَى الْأَجَلَيْنِ، قَالُوا: وَلَا يُمْكِنُ تَخْصِيصُ عُمُومِ إِحْدَاهُمَا بِخُصُوصِ الْأُخْرَى، لِأَنَّ كُلَّ آيَةٍ عَامَّةٌ مِنْ وَجْهٍ، خَاصَّةٌ مِنْ وَجْهٍ، قَالُوا: فَإِذَا أَمْكَنَ دُخُولُ بَعْضِ الصُّوَرِ فِي عُمُومِ الْآيَتَيْنِ، يَعْنِي إِعْمَالًا لِلْعُمُومِ فِي مُقْتَضَاهُ.

فَإِذَا اعْتَدَّتْ أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ دَخَلَ أَدْنَاهُمَا فِي أَقْصَاهُمَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>