للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ الَّتِي كَانَتْ تَحِيضُهُنَّ مِنَ الشَّهْرِ قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهَا الَّذِي أَصَابَهَا، ثُمَّ لِتَدَعِ الصَّلَاةَ، ثُمَّ لِتَغْتَسِلْ وَلْتُصَلِّ.» ونافع أَحْفَظُ عَنْ سليمان مِنْ أيوب وَهُوَ يَقُولُ: بِمِثْلِ أَحَدِ مَعْنَيَيْ أيوب اللَّذَيْنِ رَوَاهُمَا، انْتَهَى كَلَامُهُ. قَالُوا: وَأَمَّا الِاسْتِدْلَالُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: ٢٢٨] [الْبَقَرَةِ: ٢٢٨] .

وَأَنَّهُ الْحَيْضُ، أَوِ الْحَبَلُ أَوْ كِلَاهُمَا، فَلَا رَيْبَ أَنَّ الْحَيْضَ دَاخِلٌ فِي ذَلِكَ، وَلَكِنْ تَحْرِيمُ كِتْمَانِهِ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقُرُوءَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْآيَةِ هِيَ الْحِيَضُ، فَإِنَّهَا إِذَا كَانَتِ الْأَطْهَارَ، فَإِنَّهَا تَنْقَضِي بِالطَّعْنِ فِي الْحَيْضَةِ الرَّابِعَةِ أَوِ الثَّالِثَةِ، فَإِذَا أَرَادَتْ كِتْمَانَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لِأَجْلِ النَّفَقَةِ أَوْ غَيْرِهَا، قَالَتْ: لَمْ أَحِضْ، فَتَنْقَضِيَ عِدَّتِي، وَهِيَ كَاذِبَةٌ وَقَدْ حَاضَتْ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا، وَحِينَئِذٍ فَتَكُونُ دَلَالَةُ الْآيَةِ عَلَى أَنَّ الْقُرُوءَ الْأَطْهَارُ أَظْهَرَ، وَنَحْنُ نَقْنَعُ بِاتِّفَاقِ الدِّلَالَةِ بِهَا، وَإِنْ أَبَيْتُمْ إِلَّا الِاسْتِدْلَالَ، فَهُوَ مِنْ جَانِبِنَا أَظْهَرُ، فَإِنَّ أَكْثَرَ الْمُفَسِّرِينَ قَالُوا: الْحَيْضُ وَالْوِلَادَةُ. فَإِذَا كَانَتِ الْعِدَّةُ تَنْقَضِي بِظُهُورِ الْوِلَادَةِ فَهَكَذَا تَنْقَضِي بِظُهُورِ الْحَيْضِ تَسْوِيَةً بَيْنَهُمَا فِي إِتْيَانِ الْمَرْأَةِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.

وَأَمَّا اسْتِدْلَالُكُمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ} [الطلاق: ٤] [الطَّلَاقِ: ٤] فَجُعِلَ كُلُّ شَهْرٍ بِإِزَاءِ حَيْضَةٍ، فَلَيْسَ هَذَا بِصَرِيحٍ فِي أَنَّ الْقُرُوءَ هِيَ الْحِيَضُ، بَلْ غَايَةُ الْآيَةِ أَنَّهُ جَعَلَ الْيَأْسَ مِنَ الْحَيْضِ شَرْطًا فِي الِاعْتِدَادِ بِالْأَشْهُرِ، فَمَا دَامَتْ حَائِضًا لَا تَنْتَقِلُ إِلَى عِدَّةِ الْآيِسَاتِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْأَقْرَاءَ الَّتِي هِيَ الْأَطْهَارُ عِنْدَنَا لَا تُوجَدُ إِلَّا مَعَ الْحَيْضِ، لَا تَكُونُ بِدُونِهِ، فَمِنْ أَيْنَ يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ هِيَ الْحَيْضَ؟

وَأَمَّا اسْتِدْلَالُكُمْ بِحَدِيثِ عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «طَلَاقُ الْأَمَةِ طَلْقَتَانِ وَقَرْؤُهَا حَيْضَتَانِ» فَهُوَ حَدِيثٌ لَوِ اسْتَدْلَلْنَا بِهِ عَلَيْكُمْ لَمْ تَقْبَلُوا ذَلِكَ مِنَّا، فَإِنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>