بِالْعِلْمِ وَشَهِدَ لَهُ بِأَنَّهُ مُحَدَّثٌ مُلْهَمٌ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنَ التَّقْلِيدِ، فَتَقْلِيدُهُ أَوْلَى، وَإِنْ كَانَتِ الْحُجَّةُ هِيَ الَّتِي تَفْصِلُ بَيْنَ الْمُتَنَازِعَيْنِ، فَتَحْكِيمُهَا هُوَ الْوَاجِبُ.
قَوْلُكُمْ: إِنَّ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْأَقْرَاءَ الْحِيَضُ، لَا يَقُولُونَ بِقَوْلِ علي وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَلَا بِقَوْلِ عائشة، فَإِنَّ عليا يَقُولُ: هُوَ أَحَقُّ بِرَجْعَتِهَا مَا لَمْ تَغْتَسِلْ، وَأَنْتُمْ لَا تَقُولُونَ بِوَاحِدٍ مِنَ الْقَوْلَيْنِ، فَهَذَا غَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ تَنَاقُضًا مِمَّنْ لَا يَقُولُ بِذَلِكَ، كَأَصْحَابِ أبي حنيفة، وَتِلْكَ شَكَاةٌ ظَاهِرٌ عَنْكَ عَارُهَا عَمَّنْ يَقُولُ بِقَوْلِ عَلِيٍّ، وَهُوَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَصْحَابُهُ، كَمَا تَقَدَّمَ حِكَايَةُ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْعِدَّةَ تَبْقَى عِنْدَهُ إِلَى أَنْ تَغْتَسِلَ كَمَا قَالَهُ عَلِيٌّ، وَمَنْ وَافَقَهُ، وَنَحْنُ نَعْتَذِرُ عَمَّنْ يَقُولُ: الْأَقْرَاءُ الْحِيَضُ فِي ذَلِكَ، وَلَا يَقُولُ: هُوَ أَحَقُّ بِهَا مَا لَمْ تَغْتَسِلْ، فَإِنَّهُ وَافَقَ مَنْ يَقُولُ: الْأَقْرَاءُ الْحِيَضُ فِي ذَلِكَ، وَخَالَفَهُ فِي تَوَقُّفِ انْقِضَائِهَا عَلَى الْغُسْلِ لِمُعَارِضٍ أَوْجَبَ لَهُ مُخَالَفَتَهُ، كَمَا يَفْعَلُهُ سَائِرُ الْفُقَهَاءِ.
وَلَوْ ذَهَبْنَا نَعُدُّ مَا تَصَرَّفْتُمْ فِيهِ هَذَا التَّصَرُّفَ بِعَيْنِهِ، فَإِنْ كَانَ هَذَا الْمُعَارِضُ صَحِيحًا لَمْ يَكُنْ تَنَاقُضًا مِنْهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَحِيحًا، لَمْ يَكُنْ ضَعِيفُ قَوْلِهِمْ فِي إِحْدَى الْمَسْأَلَتَيْنِ عِنْدَهُمْ بِمَانِعٍ لَهُمْ مِنْ مُوَافَقَتِهِمْ لَهُمْ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُخْرَى، فَإِنَّ مُوَافَقَةَ أَكَابِرِ الصِّحَابَةِ وَفِيهِمْ مَنْ فِيهِمْ مِنَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ فِي مُعْظَمِ قَوْلِهِمْ خَيْرٌ، وَأَوْلَى مِنْ مُخَالَفَتِهِمْ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعِهِ وَإِلْغَائِهِ بِحَيْثُ لَا يُعْتَبَرُ الْبَتَّةَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute