، ثُمَّ اتَّفَقَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّهَا ثَلَاثَةٌ كَوَامِلُ وَهِيَ بَدَلٌ عَنِ الْحَيْضِ، فَتَكْمِيلُ الْمُبْدَلِ أَوْلَى.
قَوْلُكُمْ: إِنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ يُصَرِّحُونَ بِأَنَّ لَهُ مُسَمَّيَيْنِ الْحَيْضَ وَالطُّهْرَ لَا نُنَازِعُكُمْ فِيهِ، وَلَكِنَّ حَمْلَهُ عَلَى الْحَيْضِ أَوْلَى لِلْوُجُوهِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا، وَالْمُشْتَرَكُ إِذَا اقْتَرَنَ بِهِ قَرَائِنُ تُرَجِّحُ أَحَدَ مَعَانِيهِ وَجَبَ الْحَمْلُ عَلَى الرَّاجِحِ.
قَوْلُكُمْ: إِنَّ الطُّهْرَ الَّذِي لَمْ يَسْبِقْهُ دَمٌ قَرْءٌ عَلَى الْأَصَحِّ، فَهَذَا تَرْجِيحٌ وَتَفْسِيرٌ لِلَفْظِهِ بِالْمَذْهَبِ وَإِلَّا فَلَا يُعْرَفُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ قَطُّ أَنَّ طُهْرَ بِنْتِ أَرْبَعِ سِنِينَ يُسَمَّى قَرْءًا، وَلَا تُسَمَّى مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ لَا لُغَةً، وَلَا عُرْفًا، وَلَا شَرْعًا، فَثَبَتَ أَنَّ الدَّمَ دَاخِلٌ فِي مُسَمَّى الْقَرْءِ، وَلَا يَكُونُ قَرْءًا إِلَّا مَعَ وُجُودِهِ.
قَوْلُكُمْ: إِنَّ الدَّمَ شَرْطٌ لِلتَّسْمِيَةِ كَالْكَأْسِ وَالْقَلَمِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْأَلْفَاظِ الْمَذْكُورَةِ تَنْظِيرٌ فَاسِدٌ، فَإِنَّ مُسَمَّى تِلْكَ الْأَلْفَاظِ حَقِيقَةٌ وَاحِدَةٌ مَشْرُوطَةٌ بِشُرُوطٍ، وَالْقَرْءُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الطُّهْرِ وَالْحَيْضِ يُقَالُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا حَقِيقَةً، فَالْحَيْضُ مُسَمَّاهُ حَقِيقَةً لَا أَنَّهُ شَرْطٌ فِي اسْتِعْمَالِهِ فِي أَحَدِ مُسَمَّيَيْهِ فَافْتَرَقَا.
قَوْلُكُمْ: لَمْ يَجِئْ فِي لِسَانِ الشَّارِعِ لِلْحَيْضِ قُلْنَا: قَدْ بَيَّنَّا مَجِيئَهُ فِي كَلَامِهِ لِلْحَيْضِ، بَلْ لَمْ يَجِئْ فِي كَلَامِهِ لِلطُّهْرِ الْبَتَّةَ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ رَوَى عَنْ أيوب عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أم سلمة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا «عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ (تَدَعُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا) »
قَوْلُكُمْ: إِنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ: مَا حَدَّثَ بِهَذَا سفيان قَطُّ، جَوَابُهُ أَنَّ الشَّافِعِيَّ لَمْ يَسْمَعْ سفيان يُحَدِّثُ بِهِ، فَقَالَ بِمُوجَبِ مَا سَمِعَهُ مِنْ سفيان، أَوْ عَنْهُ مِنْ قَوْلِهِ ( «لِتَنْظُرْ عَدَدَ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ الَّتِي كَانَتْ تَحِيضُهُنَّ مِنَ الشَّهْرِ» ) وَقَدْ سَمِعَهُ مِنْ سفيان مَنْ لَا يُسْتَرَابُ بِحِفْظِهِ وَصِدْقِهِ وَعَدَالَتِهِ. وَثَبَتَ فِي السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ «فاطمة بنت أبي حبيش أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَكَتْ إِلَيْهِ الدَّمَ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ، فَانْظُرِي فَإِذَا أَتَى قَرْؤُكِ فَلَا تُصَلِّي، وَإِذَا مَرَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute