فِيهِ، وَقَالَ لَا يَصِحُّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: وَهَذَا بَعِيدٌ عَلَى رَجُلٍ مِنْ عُرْضِ النَّاسِ فَكَيْفَ عَنْ مِثْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ؟ وَإِنَّمَا جَرَّأَهُ عَلَى الطَّعْنِ فِيهِ أَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ عَنْهُ، رَوَاهُ عبد الرزاق، عَنْ معمر، عَنِ المغيرة، عَنْ إبراهيم، وإبراهيم لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عبد الله، وَلَكِنَّ الْوَاسِطَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ أَصْحَابُ عبد الله كعلقمة وَنَحْوِهِ.
وَقَدْ قَالَ إبراهيم: إِذَا قُلْتُ قَالَ عبد الله فَقَدْ حَدَّثَنِي بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْهُ وَإِذَا قُلْتُ: قَالَ فُلَانٌ عَنْهُ فَهُوَ عَمَّنْ سَمَّيْتُ، أَوْ كَمَا قَالَ.
وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ بَيْنَ إبراهيم وعبد الله أَئِمَّةً ثِقَاتٍ لَمْ يُسَمِّ قَطُّ مُتَّهَمًا، وَلَا مَجْرُوحًا، وَلَا مَجْهُولًا، فَشُيُوخُهُ الَّذِينَ أَخَذَ عَنْهُمْ، عَنْ عبد الله أَئِمَّةٌ أَجِلَّاءُ نُبَلَاءُ وَكَانُوا كَمَا قِيلَ: سُرُجُ الْكُوفَةِ، وَكُلُّ مَنْ لَهُ ذَوْقٌ فِي الْحَدِيثِ إِذَا قَالَ إبراهيم: قَالَ عبد الله لَمْ يَتَوَقَّفْ فِي ثُبُوتِهِ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ مِمَّنْ فِي طَبَقَتِهِ لَوْ قَالَ: قَالَ عبد الله، لَا يَحْصُلُ لَنَا الثَّبْتُ بِقَوْلِهِ، فإبراهيم عَنْ عبد الله نَظِيرُ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عمر وَنَظِيرُ مالك عَنِ ابْنِ عُمَرَ، فَإِنَّ الْوَسَائِطَ بَيْنَ هَؤُلَاءِ وَبَيْنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ إِذَا سَمَّوْهُمْ وُجِدُوا مِنْ أَجَلِّ النَّاسِ وَأَوْثَقِهِمْ وَأَصْدَقِهِمْ، وَلَا يُسَمُّونَ سِوَاهُمُ الْبَتَّةَ، وَدَعِ ابْنَ مَسْعُودٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَكَيْفَ يُخَالِفُ عمر وزيدا وَابْنَ عُمَرَ وَهُمْ أَعْلَمُ بِكِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ وَيُخَالِفُ عَمَلَ الْمُسْلِمِينَ لَا إِلَى قَوْلِ صَاحِبٍ الْبَتَّةَ، وَلَا إِلَى حَدِيثٍ صَحِيحٍ، وَلَا حَسَنٍ، بَلْ إِلَى عُمُومٍ أَمْرُهُ ظَاهِرٌ عِنْدَ جَمِيعِ الْأُمَّةِ، لَيْسَ هُوَ مِمَّا تَخْفَى دَلَالَتُهُ وَلَا مَوْضِعُهُ حَتَّى يَظْفَرَ بِهِ الْوَاحِدُ وَالِاثْنَانِ دُونَ سَائِرِ النَّاسِ، هَذَا مِنْ أَبْيَنِ الْمُحَالِ.
وَلَوْ ذَهَبْنَا نَذْكُرُ الْآثَارَ عَنِ التَّابِعِينَ بِتَنْصِيفِ عِدَّةِ الْأَمَةِ لَطَالَتْ جِدًّا، ثُمَّ إِذَا تَأَمَّلْتَ سِيَاقَ الْآيَاتِ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ الْعِدَدِ وَجَدْتَهَا لَا تَتَنَاوَلُ الْإِمَاءَ وَإِنَّمَا تَتَنَاوَلُ الْحَرَائِرَ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ قَالَ {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٢٨] [الْبَقَرَةِ ٢٢٨] إِلَى أَنْ قَالَ {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: ٢٢٩]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute