فَيَنْقَطِعُ حَيْضُهَا وَتَيْأَسُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ لَهَا دُونَ الْخَمْسِينَ بَلْ وَالْأَرْبَعِينَ. وَمِنْهُنَّ مَنْ لَا يُسْرِعُ إِلَيْهَا الْجَفَافُ فَتُجَاوِزُ الْخَمْسِينَ وَهِيَ تَحِيضُ. قَالَ وَلَيْسَ فِي الْكِتَابِ وَلَا السُّنَّةِ تَحْدِيدُ الْيَأْسِ بِوَقْتٍ، وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْآيِسَةِ مِنَ الْمَحِيضِ مَنْ لَهَا خَمْسُونَ سَنَةً، أَوْ سِتُّونَ سَنَةً، أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ لَقِيلَ: وَاللَّائِي يَبْلُغْنَ مِنَ السِّنِّ كَذَا وَكَذَا وَلَمْ يَقُلْ يَئِسْنَ.
وَأَيْضًا، فَقَدْ ثَبَتَ عَنِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ جَعَلُوا مَنِ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا قَبْلَ ذَلِكَ يَائِسَةً كَمَا تَقَدَّمَ. وَالْوُجُودُ مُخْتَلِفٌ فِي وَقْتِ يَأْسِهِنَّ غَيْرُ مُتَّفِقٍ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ قَالَ {وَاللَّائِي يَئِسْنَ} [الطلاق: ٤] وَلَوْ كَانَ لَهُ وَقْتٌ مَحْدُودٌ لَكَانَتِ الْمَرْأَةُ وَغَيْرُهَا سَوَاءً فِي مَعْرِفَةِ يَأْسِهِنَّ، وَهُوَ سُبْحَانُهُ قَدْ خَصَّ النِّسَاءَ بِأَنَّهُنَّ اللَّائِي يَئِسْنَ كَمَا خَصَّهُنَّ بِقَوْلِهِ {وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: ٤] فَالَّتِي تَحِيضُ هِيَ الَّتِي تَيْأَسُ، وَهَذَا بِخِلَافِ الِارْتِيَابِ فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ قَالَ إِنِ ارْتَبْتُمْ وَلَمْ يَقُلْ إِنِ ارْتَبْنَ، أَيْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فِي حُكْمِهِنَّ وَشَكَكْتُمْ فِيهِ فَهُوَ هَذَا لَا، هَذَا الَّذِي عَلَيْهِ جَمَاعَةُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ، كَمَا رَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِهِ مِنْ حَدِيثِ جرير وَمُوسَى بْنِ أَعْيَنَ وَاللَّفْظُ لَهُ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ طَرِيفٍ، عَنْ عمرو بن سالم، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: ( «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ نَاسًا بِالْمَدِينَةِ يَقُولُونَ فِي عِدَدِ النِّسَاءِ مَا لَمْ يَذْكُرِ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ الصِّغَارَ وَالْكِبَارَ وَأُولَاتِ الْأَحْمَالِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِي هَذِهِ السُّورَةِ {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤] » ) [الطَّلَاقِ ٤]
فَأَجَلُ إِحْدَاهُنَّ أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا، فَإِذَا وَضَعَتْ فَقَدْ قَضَتْ عِدَّتَهَا. وَلَفْظُ جرير: «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الَّتِي فِي الْبَقَرَةِ فِي عِدَّةِ النِّسَاءِ قَالُوا: لَقَدْ بَقِيَ مِنْ عِدَدِ النِّسَاءِ عِدَدٌ لَمْ يُذْكَرْنَ فِي الْقُرْآنِ الصِّغَارُ وَالْكِبَارُ الَّتِي قَدِ انْقَطَعَ عَنْهَا الْحَيْضُ وَذَوَاتُ الْحَمْلِ، قَالَ: فَأُنْزِلَتِ الَّتِي فِي النِّسَاءِ الْقُصْرَى {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ} [الطلاق: ٤] »
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute