للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَتَكْتَحِلِينَ بِاللَّيْلِ وَتَمْسَحِينَهُ بِالنَّهَارِ، ثُمَّ قَالَتْ عِنْدَ ذَلِكَ أم سلمة: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تُوُفِّيَ أبو سلمة، وَقَدْ جَعَلْتُ عَلَى عَيْنَيَّ صَبْرًا فَقَالَ " مَا هَذَا يَا أم سلمة؟ فَقُلْتُ: إِنَّمَا هُوَ صَبْرٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيْسَ فِيهِ طِيبٌ. فَقَالَ " إِنَّهُ يَشُبُّ الْوَجْهَ، فَلَا تَجْعَلِيهِ إِلَّا بِاللَّيْلِ وَتَنْزِعِيهِ بِالنَّهَارِ، وَلَا تَمْتَشِطِي بِالطِّيبِ، وَلَا بِالْحِنَّاءِ، فَإِنَّهُ خِضَابٌ " قَالَتْ: قُلْتُ: بِأَيِّ شَيْءٍ أَمْتَشِطُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ " بِالسِّدْرِ تُغَلِّفِينَ بِهِ رَأْسَكِ» )

وَقَدْ تَضَمَّنَتْ هَذِهِ السُّنَّةُ أَحْكَامًا عَدِيدَةً. أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْإِحْدَادُ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ كَائِنًا مَنْ كَانَ إِلَّا الزَّوْجَ وَحْدَهُ.

وَتَضَمَّنَ الْحَدِيثُ الْفَرْقَ بَيْنَ الْإِحْدَادَيْنِ مِنْ وَجْهَيْنِ.

أَحَدُهُمَا: مِنْ جِهَةِ الْوُجُوبِ وَالْجَوَازِ، فَإِنَّ الْإِحْدَادَ عَلَى الزَّوْجِ وَاجِبٌ وَعَلَى غَيْرِهِ جَائِزٌ.

الثَّانِي: مِنْ مِقْدَارِ مُدَّةِ الْإِحْدَادِ، فَالْإِحْدَادُ عَلَى الزَّوْجِ عَزِيمَةٌ وَعَلَى غَيْرِهِ رُخْصَةٌ، وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى وُجُوبِهِ عَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا إِلَّا مَا حُكِيَ عَنِ الحسن وَالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ.

أَمَّا الحسن فَرَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حميد عَنْهُ (أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا تَكْتَحِلَانِ وَتَمْتَشِطَانِ وَتَتَطَيَّبَانِ وَتَخْتَضِبَانِ وَتَنْتَقِلَانِ وَتَصْنَعَانِ مَا شَاءَتَا) وَأَمَّا الحكم فَذَكَرَ عَنْهُ شعبة: (أَنَّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا لَا تُحِدُّ)

قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: وَاحْتَجَّ أَهْلُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ، ثُمَّ سَاقَ مِنْ طَرِيقِ أبي الحسن محمد بن عبد السلام حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شعبة حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>