تَخْتَضِبُ، وَلَا تَكْتَحِلُ، وَلَا تَتَطَيَّبُ، وَلَا تَمْتَشِطُ بِطِيبٍ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ هَانِئٍ النَّيْسَابُورِيُّ فِي " مَسَائِلِهِ ": سَأَلْتُ أبا عبد الله، عَنِ الْمَرْأَةِ تَنْتَقِبُ فِي عِدَّتِهَا، أَوْ تَدَّهِنُ فِي عِدَّتِهَا؟ قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ وَإِنَّمَا كُرِهَ لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا أَنْ تَتَزَيَّنَ.
وَقَالَ أبو عبد الله: كُلُّ دُهْنٍ فِيهِ طِيبٌ فَلَا تُدْهِنُ بِهِ، فَقَدْ دَارَ كَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَالشَّافِعِيِّ، وأبي حنيفة رَحِمَهُمُ اللَّهُ عَلَى أَنَّ الْمَمْنُوعَ مِنْهُ مِنَ الثِّيَابِ مَا كَانَ مِنْ لِبَاسِ الزِّينَةِ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ كَانَ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ قَطْعًا، فَإِنَّ الْمَعْنَى الَّذِي مُنِعَتْ مِنَ الْمُعَصْفَرِ وَالْمُمَشَّقِ لِأَجْلِهِ مَفْهُومٌ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَصَّهُ بِالذِّكْرِ مَعَ الْمَصْبُوغِ تَنْبِيهًا عَلَى مَا هُوَ مِثْلُهُ وَأَوْلَى بِالْمَنْعِ، فَإِذَا كَانَ الْأَبْيَضُ وَالْبُرُودُ الْمُحَبَّرَةُ الرَّفِيعَةُ الْغَالِيَةُ الْأَثْمَانِ مِمَّا يُرَادُ لِلزِّينَةِ لِارْتِفَاعِهِمَا وَتَنَاهِي جَوْدَتِهِمَا كَانَ أَوْلَى بِالْمَنْعِ مِنَ الثَّوْبِ الْمَصْبُوغِ.
وَكُلُّ مَنْ عَقَلَ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ لَمْ يَسْتَرِبْ فِي ذَلِكَ لَا كَمَا قَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ: إِنَّهَا تَجْتَنِبُ الثِّيَابَ الْمُصَبَّغَةَ فَقَطْ وَمُبَاحٌ لَهَا أَنْ تَلْبَسَ بَعْدُ مَا شَاءَتْ مِنْ حَرِيرٍ أَبْيَضَ وَأَصْفَرَ مِنْ لَوْنِهِ الَّذِي لَمْ يُصْبَغْ، وَصُوفِ الْبَحْرِ الَّذِي هُوَ لَوْنُهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وَمُبَاحٌ لَهَا أَنْ تَلْبَسَ الْمَنْسُوجَ بِالذَّهَبِ وَالْحُلِيِّ كُلِّهِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْجَوْهَرِ وَالْيَاقُوتِ وَالزُّمُرُّدِ وَغَيْرَ ذَلِكَ، فَهِيَ خَمْسَةُ أَشْيَاءَ تَجْتَنِبُهَا فَقَطْ وَهِيَ الْكُحْلُ كُلُّهُ لِضَرُورَةٍ أَوْ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَلَوْ ذَهَبَتْ عَيْنَاهَا لَا لَيْلًا وَلَا نَهَارًا، وَتَجْتَنِبُ فَرْضًا كُلَّ ثَوْبٍ مَصْبُوغٍ مِمَّا يُلْبَسُ فِي الرَّأْسِ وَالْجَسَدِ أَوْ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ، سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ السَّوَادُ وَالْخُضْرَةُ وَالْحُمْرَةُ وَالصُّفْرَةُ وَغَيْرُ ذَلِكَ إِلَّا الْعَصَبَ وَحْدَهُ وَهِيَ ثِيَابٌ مُوَشَّاةٌ تُعْمَلُ فِي الْيَمَنِ فَهُوَ مُبَاحٌ لَهَا.
وَتَجْتَنِبُ أَيْضًا: فَرْضًا الْخِضَابَ كُلَّهُ جُمْلَةً، وَتَجْتَنِبُ الِامْتِشَاطَ حَاشَا التَّسْرِيحَ بِالْمُشْطِ فَقَطْ فَهُوَ حَلَالٌ لَهَا، وَتَجْتَنِبُ أَيْضًا فَرْضًا الطِّيبَ كُلَّهُ، وَلَا تَقْرَبُ شَيْئًا حَاشَا شَيْئًا مِنْ قُسْطٍ أَوْ أَظْفَارٍ عِنْدَ طُهْرِهَا فَقَطْ، فَهَذِهِ الْخَمْسَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا حَكَيْنَا كَلَامَهُ فِيهَا بِنَصِّهِ.
وَلَيْسَ بِعَجِيبٍ مِنْهُ تَحْرِيمُ لُبْسِ ثَوْبٍ أَسْوَدَ عَلَيْهَا مِنَ الزِّينَةِ فِي شَيْءٍ، وَإِبَاحَةُ ثَوْبٍ يَتَّقِدُ ذَهَبًا وَلُؤْلُؤًا وَجَوْهَرًا، وَلَا تَحْرِيمُ الْمَصْبُوغِ الْغَلِيظِ لِحَمْلِ الْوَسَخِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute