حَالَةٍ كَانَتْ، وَإِنَّمَا نَهَى عَنْ وَطْءِ السَّبَايَا حَتَّى تَضَعَ حَوَامِلُهُنَّ، وَتَحِيضَ حَوَائِلُهُنَّ.
فَإِنْ قِيلَ: فَعُمُومُهُ يَقْتَضِي تَحْرِيمَ وَطْءِ أَبْكَارِهِنَّ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ، كَمَا يَمْتَنِعُ وَطْءُ الثَّيِّبِ؟
قِيلَ: نَعَمْ، وَغَايَتُهُ أَنَّهُ عُمُومٌ أَوْ إِطْلَاقٌ ظَهَرَ الْقَصْدُ مِنْهُ، فَيَخُصُّ أَوْ يُقَيَّدْ عِنْدَ انْتِفَاءِ مُوجِبِ الِاسْتِبْرَاءِ، وَيَخُصُّ أَيْضًا بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ رويفع: ( «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَنْكِحْ ثَيِّبًا مِنَ السَّبَايَا حَتَّى تَحِيضَ» ) . وَيَخُصُّ أَيْضًا بِمَذْهَبِ الصَّحَابِيِّ، وَلَا يُعْلَمُ لَهُ مُخَالِفٌ.
وَفِي (صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ) : مِنْ حَدِيثِ بريدة، قَالَ: «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عليا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إِلَى خالد يَعْنِي بِالْيَمِينِ لِيَقْبِضَ الْخُمُسَ فَاصْطَفَى عَلِيٌّ مِنْهَا سَبِيَّةً، فَأَصْبَحَ وَقَدِ اغْتَسَلَ، فَقُلْتُ لخالد: أَمَا تَرَى إِلَى هَذَا؟ وَفِي رِوَايَةٍ: فَقَالَ خالد لبريدة: أَلَا تَرَى مَا صَنَعَ هَذَا؟ قَالَ بريدة: وَكُنْتُ أَبْغِضُ عليا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَلَمَّا قَدِمْنَا إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: (يَا بريدة أَتُبْغِضُ عَلِيًّا) ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: (لَا تُبْغِضْهُ فَإِنَّ لَهُ فِي الْخُمُسِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ) » .
فَهَذِهِ الْجَارِيَةُ إِمَّا أَنْ تَكُونَ بِكْرًا فَلَمْ يَرَ عَلِيٌّ وُجُوبَ اسْتِبْرَائِهَا، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ فِي آخِرِ حَيْضِهَا، فَاكْتَفَى بِالْحَيْضَةِ قَبْلَ تَمَلُّكِهِ لَهَا. وَبِكُلِّ حَالٍ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ تَحَقَّقَ بَرَاءَةَ رَحِمِهَا بِحَيْثُ أَغْنَاهُ عَنِ الِاسْتِبْرَاءِ.
فَإِذَا تَأَمَّلْتَ قَوْلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَقَّ التَّأَمُّلِ، وَجَدْتَ قَوْلَهُ: ( «وَلَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، وَلَا غَيْرُ ذَاتِ حَمْلٍ حَتَى تَحِيضَ» ) ، ظَهَرَ لَكَ مِنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِغَيْرِ ذَاتِ الْحَمْلِ مَنْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ حَامِلًا، وَأَنْ لَا تَكُونَ، فَيُمْسِكُ عَنْ وَطْئِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute