وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، ومجاهد، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَخِلَاسِ بْنِ عَمْرٍو، وَالزُّهْرِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وإسحاق. قَالُوا: لِأَنَّهَا حُرَّةٌ تَعْتَدُّ لِلْوَفَاةِ، فَكَانَتْ عِدَّتُهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، كَالزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ.
وَقَالَ عطاء، والنخعي، وَالثَّوْرِيُّ، وأبو حنيفة، وَأَصْحَابُهُ: تَعْتَدُّ بِثَلَاثِ حِيَضٍ، وَحُكِيَ عَنْ علي، وَابْنِ مَسْعُودٍ، قَالُوا: لِأَنَّهَا لَا بُدَّ لَهَا مِنْ عِدَّةٍ، وَلَيْسَتْ زَوْجَةً، فَتَدْخُلُ فِي آيَةِ الْأَزْوَاجِ الْمُتَوَفَّى عَنْهُنَّ، وَلَا أَمَةً، فَتَدْخُلُ فِي نُصُوصِ اسْتِبْرَاءِ الْإِمَاءِ بِحَيْضَةٍ، فَهِيَ أَشْبَهُ شَيْءٍ بِالْمُطَلَّقَةِ فَتَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ.
وَالصَّوَابُ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ أَنَّهَا تُسْتَبْرَأُ بِحَيْضَةٍ، وَهُوَ قَوْلُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وعائشة، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، والحسن، وَالشَّعْبِيِّ، وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وأبي قلابة، ومكحول، ومالك، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي أَشْهَرِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ، وَهُوَ قَوْلُ أبي عبيد، وَأَبِي ثَوْرٍ، وابن المنذر، فَإِنَّ هَذَا إِنَّمَا هُوَ لِمُجَرَّدِ الِاسْتِبْرَاءِ لِزَوَالِ الْمِلْكِ عَنِ الرَّقَبَةِ فَكَانَ حَيْضَةً وَاحِدَةً فِي حَقِّ مَنْ تَحِيضُ، كَسَائِرِ اسْتِبْرَاءَاتِ الْمُعْتَقَاتِ، وَالْمَمْلُوكَاتِ، وَالْمَسْبِيَّاتِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَقَالَ ابن المنذر: ضَعَّفَ أحمد وأبو عبيد حَدِيثَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ.
وَقَالَ محمد بن موسى: سَأَلْتُ أبا عبد الله عَنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَقَالَ لَا يَصِحُّ. وَقَالَ الميموني: رَأَيْتُ أبا عبد الله يَعْجَبُ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ هَذَا، ثُمَّ قَالَ: أَيْنَ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هَذَا؟ وَقَالَ: {أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: ٢٣٤] إِنَّمَا هِيَ عِدَّةُ الْحُرَّةِ مِنَ النِّكَاحِ، وَإِنَّمَا هَذِهِ أَمَةٌ خَرَجَتْ مِنَ الرِّقِّ إِلَى الْحُرِّيَّةِ، وَيَلْزَمُ مَنْ قَالَ بِهَذَا أَنْ يُوَرِّثَهَا، وَلَيْسَ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ: تَعْتَدُّ ثَلَاثَ حِيَضٍ وَجْهٌ إِنَّمَا تَعْتَدُّ بِذَلِكَ الْمُطَلَّقَةُ. انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَقَالَ المنذري: فِي إِسْنَادِ حَدِيثِ عمرو، مَطَرُ بْنُ طَهْمَانَ أَبُو رَجَاءٍ الْوَرَّاقُ، وَقَدْ ضَعَّفَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَأَخْبَرَنَا شَيْخُنَا أبو الحجاج الْحَافِظُ فِي كِتَابِ (التَّهْذِيبِ) قَالَ أبو طالب: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ عَنْ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ. فَقَالَ: كَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ يُضَعِّفُ حَدِيثَهُ عَنْ عطاء، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute