فَصَانَ بِتَحْرِيمِ النَّوْعِ الْأَوَّلِ الْعُقُولَ عَمَّا يُزِيلُهَا وَيُفْسِدُهَا، وَبِالثَّانِي: الْقُلُوبَ عَمَّا يُفْسِدُهَا مِنْ وُصُولِ أَثَرِ الْغِذَاءِ الْخَبِيثِ إِلَيْهَا، وَالْغَاذِي شَبِيهٌ بِالْمُغْتَذِي، وَبِالثَّالِثِ: الْأَدْيَانَ عَمَّا وُضِعَ لِإِفْسَادِهَا.
فَتَضَمَّنَ هَذَا التَّحْرِيمُ صِيَانَةَ الْعُقُولِ وَالْقُلُوبِ وَالْأَدْيَانِ.
وَلَكِنَّ الشَّأْنَ فِي مَعْرِفَةِ حُدُودِ كَلَامِهِ - صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ - وَمَا يَدْخُلُ فِيهِ، وَمَا لَا يَدْخُلُ فِيهِ، لِتَسْتَبِينَ عُمُومُ كَلِمَاتِهِ وَجَمْعُهَا، وَتَنَاوُلُهَا لِجَمِيعِ الْأَنْوَاعِ الَّتِي شَمِلَهَا عُمُومُ كَلِمَاتِهِ، وَتَأْوِيلُهَا بِجَمِيعِ الْأَنْوَاعِ الَّتِي شَمِلَهَا عُمُومُ لَفْظِهِ وَمَعْنَاهُ، وَهَذِهِ خَاصِّيَّةُ الْفَهْمِ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ الَّتِي تَفَاوَتَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ، وَيُؤْتِيهِ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ.
فَأَمَّا تَحْرِيمُ بَيْعِ الْخَمْرِ، فَيَدْخُلُ فِيهِ تَحْرِيمُ بَيْعِ كُلِّ مُسْكِرٍ، مَائِعًا كَانَ، أَوْ جَامِدًا، عَصِيرًا، أَوْ مَطْبُوخًا، فَيَدْخُلُ فِيهِ عَصِيرُ الْعِنَبِ، وَخَمْرُ الزَّبِيبِ، وَالتَّمْرِ، وَالذُّرَةِ، وَالشَّعِيرِ، وَالْعَسَلِ، وَالْحِنْطَةِ، وَاللُّقْمَةِ الْمَلْعُونَةِ، لُقْمَةِ الْفِسْقِ وَالْقَلْبِ الَّتِي تُحَرِّكُ الْقَلْبَ السَّاكِنَ إِلَى أَخْبَثِ الْأَمَاكِنِ، فَإِنَّ هَذَا كُلَّهُ خَمْرٌ بِنَصِّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصَّحِيحِ الصَّرِيحِ الَّذِي لَا مَطْعَنَ فِي سَنَدِهِ، وَلَا إِجْمَالَ فِي مَتْنِهِ، إِذْ صَحَّ عَنْهُ قَوْلُهُ: ( «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ» ) .
وَصَحَّ عَنْ أَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمُ - الَّذِينَ هُمْ أَعْلَمُ الْأُمَّةِ بِخِطَابِهِ وَمُرَادِهِ: أَنَّ الْخَمْرَ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ فَدُخُولُ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ تَحْتَ اسْمِ الْخَمْرِ كَدُخُولِ جَمِيعِ أَنْوَاعِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَالْبُرِّ وَالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ، تَحْتَ قَوْلِهِ: ( «لَا تَبِيعُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute