للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَدَبَغْتُمُوهُ فَانْتَفَعْتُمْ بِهِ» ) . وَلَوْ كَانَ الشَّعْرُ طَاهِرًا لَكَانَ إِرْشَادُهُمْ إِلَى أَخْذِهِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ كُلْفَةً، وَأَسْهَلُ تَنَاوُلًا.

قَالَ الْمُطَهِّرُونَ لِلشُّعُورِ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} [النحل: ٨٠] [النَّحْلِ: ٨٠] ، وَهَذَا يَعُمُّ أَحْيَاءَهَا وَأَمْوَاتَهَا، وَفِي (مُسْنَدِ أَحْمَدَ) : عَنْ عبد الرزاق، عَنْ معمر، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ «مَرَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِشَاةٍ لميمونة مَيِّتَةٍ، فَقَالَ: (أَلَا انْتَفَعْتُمْ بِإِهَابِهَا، قَالُوا: وَكَيْفَ وَهِيَ مَيْتَةٌ؟ قَالَ: إِنَّمَا حَرُمَ لَحْمُهَا» ) . وَهَذَا ظَاهِرٌ جِدًّا فِي إِبَاحَةِ مَا سِوَى اللَّحْمِ، وَالشَّحْمُ وَالْكَبِدُ وَالطِّحَالُ وَالْأَلْيَةُ كُلُّهَا دَاخِلَةٌ فِي اللَّحْمِ، كَمَا دَخَلَتْ فِي تَحْرِيمِ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ، وَلَا يُنْتَقَضُ هَذَا بِالْعَظْمِ وَالْقَرْنِ، وَالظُّفْرِ وَالْحَافِرِ، فَإِنَّ الصَّحِيحَ طَهَارَةُ ذَلِكَ كَمَا سَنُقَرِّرُهُ عَقِيبَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.

قَالُوا: وَلِأَنَّهُ لَوْ أُخِذَ حَالَ الْحَيَاةِ، لَكَانَ طَاهِرًا فَلَمْ يَنْجُسْ بِالْمَوْتِ، كَالْبَيْضِ وَعَكْسُهُ الْأَعْضَاءُ. قَالُوا: وَلِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَنْجُسْ بِجَزِّهِ فِي حَالِ حَيَاةِ الْحَيَوَانِ بِالْإِجْمَاعِ، دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ جُزْءًا مِنَ الْحَيَوَانِ، وَأَنَّهُ لَا رُوحَ فِيهِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ( «مَا أُبِينَ مِنْ حَيٍّ، فَهُوَ مَيْتَةٌ» ) . رَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ. وَلِأَنَّهُ لَا يَتَأَلَّمُ بِأَخْذِهِ، وَلَا يَحُسُّ بِمَسِّهِ، وَذَلِكَ دَلِيلُ عَدَمِ الْحَيَاةِ فِيهِ، وَأَمَّا النَّمَاءُ فَلَا يَدُلُّ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>