عُمَرَ يَقُولُ: ( «حَفِظْتُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ رَكَعَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ» ) . فَلَوْ كَانَ هَذَا لَعَدَّهُ. قَالَ أَبِي: كَانَ يَقُولُ: "حَفِظْتُ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً". وَهَذَا لَيْسَ بِعِلَّةٍ أَصْلًا، فَإِنَّ ابْنَ عُمَرَ إِنَّمَا أَخْبَرَ بِمَا حَفِظَهُ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمْ يُخْبِرْ عَنْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ الْبَتَّةَ.
وَأَمَّا الرَّكْعَتَانِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ، فَإِنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّيهِمَا، وَصَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ أَقَرَّ أَصْحَابَهُ عَلَيْهِمَا، وَكَانَ يَرَاهُمْ يُصَلُّونَهُمَا، فَلَمْ يَأْمُرْهُمْ وَلَمْ يَنْهَهُمْ، وَفِي "الصَّحِيحَيْنِ" عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ( «صَلُّوا قَبْلَ الْمَغْرِبِ، صَلُّوا قَبْلَ الْمَغْرِبِ» ) . قَالَ فِي الثَّالِثَةِ ( «لِمَنْ شَاءَ كَرَاهَةَ أَنْ يَتَّخِذَهَا النَّاسُ سُنَّةً» ) .
وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ فِي هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ، أَنَّهُمَا مُسْتَحَبَّتَانِ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِمَا، وَلَيْسَتَا بِسُنَّةٍ رَاتِبَةٍ كَسَائِرِ السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ.
وَكَانَ يُصَلِّي عَامَّةَ السُّنَنِ، وَالتَّطَوُّعَ الَّذِي لَا سَبَبَ لَهُ فِي بَيْتِهِ، لَا سِيَّمَا سُنَّةُ الْمَغْرِبِ، فَإِنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ أَنَّهُ فَعَلَهَا فِي الْمَسْجِدِ الْبَتَّةَ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ حنبل: السُّنَّةُ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ فِي بَيْتِهِ، كَذَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ. قَالَ السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ: لَقَدْ رَأَيْتُ النَّاسَ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، إِذَا انْصَرَفُوا مِنَ الْمَغْرِبِ، انْصَرَفُوا جَمِيعًا حَتَّى لَا يَبْقَى فِي الْمَسْجِدِ أَحَدٌ، كَأَنَّهُمْ لَا يُصَلُّونَ بَعْدَ الْمَغْرِبِ حَتَّى يَصِيرُوا إِلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute