للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سُنَّةِ الْفَجْرِ، إِنَّمَا كَانَ يُصَلِّيهَا فِي بَيْتِهِ كَمَا قَالَتْ حفصة. وَفِي " الصَّحِيحَيْنِ" عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( «كَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ فِي بَيْتِهِ» ) . وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذِكْرِ سُنَّةِ الْجُمُعَةِ بَعْدَهَا وَالصَّلَاةِ قَبْلَهَا، عِنْدَ ذِكْرِ هَدْيِهِ فِي الْجُمُعَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «أَيُّهَا النَّاسُ صَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ، فَإِنَّ أَفْضَلَ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ» ) . وَكَانَ هَدْيُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِعْلَ السُّنَنِ، وَالتَّطَوُّعَ فِي الْبَيْتِ إِلَّا لِعَارِضٍ، كَمَا أَنَّ هَدْيَهُ كَانَ فِعْلَ الْفَرَائِضِ فِي الْمَسْجِدِ إِلَّا لِعَارِضٍ مِنْ سَفَرٍ، أَوْ مَرَضٍ، أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يَمْنَعُهُ مِنَ الْمَسْجِدِ، وَكَانَ تَعَاهُدُهُ وَمُحَافَظَتُهُ عَلَى سُنَّةِ الْفَجْرِ أَشَدَّ مِنْ جَمِيعِ النَّوَافِلِ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ يَدَعُهَا هِيَ وَالْوِتْرَ سَفَرًا وَحَضَرًا، وَكَانَ فِي السَّفَرِ يُوَاظِبُ عَلَى سُنَّةِ الْفَجْرِ وَالْوِتْرِ أَشَدَّ مِنْ جَمِيعِ النَّوَافِلِ دُونَ سَائِرِ السُّنَنِ، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ فِي السَّفَرِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى سُنَّةً رَاتِبَةً غَيْرَهُمَا، وَلِذَلِكَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يَزِيدُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ وَيَقُولُ: «سَافَرْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعَ أبي بكر، وعمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَكَانُوا لَا يَزِيدُونَ فِي السَّفَرِ عَلَى رَكْعَتَيْنِ» ، وَهَذَا وَإِنِ احْتَمَلَ أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يُرَبِّعُونَ، إِلَّا أَنَّهُمْ لَمْ يُصَلُّوا السُّنَّةَ، لَكِنْ قَدْ ثَبَتَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ سُنَّةِ الظُّهْرِ فِي السَّفَرِ، فَقَالَ: (لَوْ كُنْتُ مُسَبِّحًا لَأَتْمَمْتُ) وَهَذَا مِنْ فِقْهِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى خَفَّفَ عَنِ الْمُسَافِرِ فِي الرُّبَاعِيَّةِ شَطْرَهَا،

<<  <  ج: ص:  >  >>