عَنْهُمَا يَرْفَعُهُ « {إِذَا زُلْزِلَتِ} [الزلزلة: ١] تَعْدِلُ نِصْفَ الْقُرْآنِ وَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: ١] تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ، وَ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: ١] ، تَعْدِلُ رُبُعَ الْقُرْآنِ» ". رَوَاهُ الحاكم فِي "الْمُسْتَدْرَكِ" وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ.
وَلَمَّا كَانَ الشِّرْكُ الْعَمَلِيُّ الْإِرَادِيُّ أَغْلَبَ عَلَى النُّفُوسِ لِأَجْلِ مُتَابَعَتِهَا هَوَاهَا، وَكَثِيرٌ مِنْهَا تَرْتَكِبُهُ مَعَ عِلْمِهَا بِمَضَرَّتِهِ وَبُطْلَانِهِ، لِمَا لَهَا فِيهِ مِنْ نَيْلِ الْأَغْرَاضِ، وَإِزَالَتُهُ وَقَلْعُهُ مِنْهَا أَصْعَبُ، وَأَشَدُّ مِنْ قَلْعِ الشِّرْكِ الْعِلْمِيِّ وَإِزَالَتِهِ، لِأَنَّ هَذَا يَزُولُ بِالْعِلْمِ وَالْحُجَّةِ، وَلَا يُمْكِنُ صَاحِبُهُ أَنْ يَعْلَمَ الشَّيْءَ عَلَى غَيْرِ مَا هُوَ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ شِرْكِ الْإِرَادَةِ وَالْقَصْدِ، فَإِنَّ صَاحِبَهُ يَرْتَكِبُ مَا يَدُلُّهُ الْعِلْمُ عَلَى بُطْلَانِهِ وَضَرَرِهِ لِأَجْلِ غَلَبَةِ هَوَاهُ، وَاسْتِيلَاءِ سُلْطَانِ الشَّهْوَةِ وَالْغَضَبِ عَلَى نَفْسِهِ، فَجَاءَ مِنَ التَّأْكِيدِ وَالتَّكْرَارِ فِي سُورَةِ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: ١] الْمُتَضَمِّنَةِ لِإِزَالَةِ الشِّرْكِ الْعَمَلِيِّ، مَا لَمْ يَجِئْ مِثْلُهُ فِي سُورَةِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: ١] ، وَلَمَّا كَانَ الْقُرْآنُ شَطْرَيْنِ: شَطْرًا فِي الدُّنْيَا وَأَحْكَامِهَا، وَمُتَعَلَّقَاتِهَا، وَالْأُمُورِ الْوَاقِعَةِ فِيهَا مِنْ أَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ وَغَيْرِهَا، وَشَطْرًا فِي الْآخِرَةِ وَمَا يَقَعُ فِيهَا، وَكَانَتْ سُورَةُ {إِذَا زُلْزِلَتِ} [الزلزلة: ١] قَدْ أُخْلِصَتْ مِنْ أَوَّلِهَا وَآخِرِهَا لِهَذَا الشَّطْرِ، فَلَمْ يُذْكُرْ فِيهَا إِلَّا الْآخِرَةُ وَمَا يَكُونُ فِيهَا مِنْ أَحْوَالِ الْأَرْضِ وَسُكَّانِهَا، كَانَتْ تَعْدِلُ نِصْفَ الْقُرْآنِ، فَأَحْرَى بِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - وَلِهَذَا كَانَ يَقْرَأُ بِهَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ فِي رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute