يَعْنِي صَلَاةَ الضُّحَى. وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: (إِنِّي لَأَدَعُ صَلَاةَ الضُّحَى وَأَنَا أَشْتَهِيهَا، مَخَافَةَ أَنْ أَرَاهَا حَتْمًا عَلَيَّ)
وَقَالَ مسروق: كُنَّا نَقْرَأُ فِي الْمَسْجِدِ، فَنَبْقَى بَعْدَ قِيَامِ ابْنِ مَسْعُودٍ، ثُمَّ نَقُومُ، فَنُصَلِّي الضُّحَى، فَبَلَغَ ابْنَ مَسْعُودٍ ذَلِكَ فَقَالَ: لِمَ تُحَمِّلُونَ عِبَادَ اللَّهِ مَا لَمْ يُحَمِّلْهُمُ اللَّهُ؟! إِنْ كُنْتُمْ لَا بُدَّ فَاعِلِينَ، فَفِي بُيُوتِكُمْ. وَكَانَ أبو مجلز يُصَلِّي الضُّحَى فِي مَنْزِلِهِ.
قَالَ هَؤُلَاءِ: وَهَذَا أَوْلَى؛ لِئَلَّا يَتَوَهَّمَ مُتَوَهِّمٌ وُجُوبَهَا بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا، أَوْ كَوْنَهَا سُنَّةً رَاتِبَةً، وَلِهَذَا قَالَتْ عائشة: (لَوْ نُشِرَ لِي أَبَوَايَ مَا تَرَكْتُهَا) فَإِنَّهَا كَانَتْ تُصَلِّيهَا فِي الْبَيْتِ حَيْثُ لَا يَرَاهَا النَّاسُ.
وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ رَابِعَةٌ إِلَى أَنَّهَا تُفْعَلُ بِسَبَبٍ مِنَ الْأَسْبَابِ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِنَّمَا فَعَلَهَا بِسَبَبٍ، قَالُوا: وَصَلَاتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفَتْحِ ثَمَانَ رَكَعَاتٍ ضُحًى، إِنَّمَا كَانَتْ مِنْ أَجْلِ الْفَتْحِ، وَأَنَّ سُنَّةَ الْفَتْحِ أَنْ تُصَلَّى عِنْدَهُ ثَمَانُ رَكَعَاتٍ، وَكَانَ الْأُمَرَاءُ يُسَمُّونَهَا صَلَاةَ الْفَتْحِ.
وَذَكَرَ الطَّبَرِيُّ فِي "تَارِيخِهِ" عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: (لَمَّا فَتَحَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ الْحِيرَةَ، صَلَّى صَلَاةَ الْفَتْحِ ثَمَانَ رَكَعَاتٍ لَمْ يُسَلِّمْ فِيهِنَّ، ثُمَّ انْصَرَفَ) قَالُوا: وَقَوْلُ أم هانئ "وَذَلِكَ ضُحًى". تُرِيدُ أَنَّ فِعْلَهُ لِهَذِهِ الصَّلَاةَ كَانَ ضُحًى، لَا أَنَّ الضُّحَى اسْمٌ لِتِلْكَ الصَّلَاةِ.
قَالُوا: وَأَمَّا صَلَاتُهُ فِي بَيْتِ عتبان بن مالك، فَإِنَّمَا كَانَتْ لِسَبَبٍ أَيْضًا، «فَإِنَّ عتبان قَالَ لَهُ: إِنِّي أَنْكَرْتُ بَصَرِي، وَإِنَّ السُّيُولَ تَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَ مَسْجِدِ قَوْمِي، فَوَدِدْتُ أَنَّكَ جِئْتَ، فَصَلَّيْتَ فِي بَيْتِي مَكَانًا أَتَّخِذُهُ مَسْجِدًا، فَقَالَ: (أَفْعَلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) قَالَ: فَغَدَا عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبو بكر مَعَهُ بَعْدَمَا اشْتَدَّ النَّهَارُ فَاسْتَأْذَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَذِنْتُ لَهُ، فَلَمْ يَجْلِسْ حَتَّى قَالَ: "أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ مِنْ بَيْتِكَ "؟ فَأَشَرْتُ إِلَيْهِ مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي أُحِبُّ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ، فَقَامَ وَصَفَفْنَا خَلْفَهُ، وَصَلَّى، ثُمَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute