وَيَظُنُّ كَثِيرٌ مِمَّنْ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ أَنَّ الْمُرَادَ تَخْصِيصُ هَذِهِ الصَّلَاةِ بِسَجْدَةٍ زَائِدَةٍ، وَيُسَمُّونَهَا سَجْدَةَ الْجُمُعَةِ، وَإِذَا لَمْ يَقْرَأْ أَحَدُهُمْ هَذِهِ السُّورَةَ اسْتَحَبَّ قِرَاءَةَ سُورَةٍ أُخْرَى فِيهَا سَجْدَةٌ، وَلِهَذَا كَرِهَ مَنْ كَرِهَ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْمُدَاوَمَةَ عَلَى قِرَاءَةِ هَذِهِ السُّورَةِ فِي فَجْرِ الْجُمُعَةِ، دَفْعًا لِتَوَهُّمِ الْجَاهِلِينَ، وَسَمِعْتُ شَيْخَ الْإِسْلَامِ ابْنَ تَيْمِيَّةَ يَقُولُ: إِنَّمَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ هَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ فِي فَجْرِ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّهُمَا تَضَمَّنَتَا مَا كَانَ وَيَكُونُ فِي يَوْمِهَا، فَإِنَّهُمَا اشْتَمَلَتَا عَلَى خَلْقِ آدَمَ، وَعَلَى ذِكْرِ الْمَعَادِ وَحَشْرِ الْعِبَادِ، وَذَلِكَ يَكُونُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَكَانَ فِي قِرَاءَتِهِمَا فِي هَذَا الْيَوْمِ تَذْكِيرٌ لِلْأُمَّةِ بِمَا كَانَ فِيهِ وَيَكُونُ، وَالسَّجْدَةُ جَاءَتْ تَبَعًا لَيْسَتْ مَقْصُودَةً حَتَّى يَقْصِدَ الْمُصَلِّي قِرَاءَتَهَا حَيْثُ اتَّفَقَتْ. فَهَذِهِ خَاصَّةٌ مِنْ خَوَاصِّ يَوْمِ الْجُمُعَةِ.
الْخَاصَّةُ الثَّانِيَةُ اسْتِحْبَابُ كَثْرَةِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ وَفِي لَيْلَتِهِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( «أَكْثِرُوا مِنَ الصَّلَاةِ عَلَيَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَةَ الْجُمُعَةِ» ) .
وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيِّدُ الْأَنَامِ، وَيَوْمُ الْجُمُعَةِ سَيِّدُ الْأَيَّامِ، فَلِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْيَوْمِ مَزِيَّةٌ لَيْسَتْ لِغَيْرِهِ مَعَ حِكْمَةٍ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ كُلَّ خَيْرٍ نَالَتْهُ أُمَّتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَإِنَّمَا نَالَتْهُ عَلَى يَدِهِ، فَجَمَعَ اللَّهُ لِأُمَّتِهِ بِهِ بَيْنَ خَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَأَعْظَمُ كَرَامَةٍ تَحْصُلُ لَهُمْ، فَإِنَّمَا تَحْصُلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَإِنَّ فِيهِ بَعْثَهُمْ إِلَى مَنَازِلِهِمْ وَقُصُورِهِمْ فِي الْجَنَّةِ، وَهُوَ يَوْمُ الْمَزِيدِ لَهُمْ إِذَا دَخَلُوا الْجَنَّةَ، وَهُوَ يَوْمُ عِيدٍ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا، وَيَوْمٌ فِيهِ يُسْعِفُهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِطَلَبَاتِهِمْ وَحَوَائِجِهِمْ، وَلَا يَرُدُّ سَائِلَهُمْ، وَهَذَا كُلُّهُ إِنَّمَا عَرَفُوهُ وَحَصَلَ لَهُمْ بِسَبَبِهِ وَعَلَى يَدِهِ، فَمِنْ شُكْرِهِ وَحَمْدِهِ وَأَدَاءِ الْقَلِيلِ مِنْ حَقِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُكْثِرَ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْيَوْمِ وَلَيْلَتِهِ.
الْخَاصَّةُ الثَّالِثَةُ: صَلَاةُ الْجُمُعَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ آكَدِ فُرُوضِ الْإِسْلَامِ وَمِنْ أَعْظَمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute