للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجُمُعَةِ» ) - وَإِنَّمَا كَانَ اعْتِمَادُهُ عَلَى أَنَّ مَنْ جَاءَ إِلَى الْجُمُعَةِ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ حَتَّى يَخْرُجَ الْإِمَامُ، وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ ( «لَا يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَيَتَطَهَّرُ مَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ، وَيَدَّهِنُ مِنْ دُهْنِهِ، أَوْ يَمَسُّ مِنْ طِيبِ بَيْتِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ، فَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ اثْنَيْنِ، ثُمَّ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ، ثُمَّ يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الْإِمَامُ إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى» ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، فَنَدَبَهُ إِلَى الصَّلَاةِ مَا كُتِبَ لَهُ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ عَنْهَا إِلَّا فِي وَقْتِ خُرُوجِ الْإِمَامِ، وَلِهَذَا قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ، مِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: خُرُوجُ الْإِمَامِ يَمْنَعُ الصَّلَاةَ وَخُطْبَتُهُ تَمْنَعُ الْكَلَامَ، فَجَعَلُوا الْمَانِعَ مِنَ الصَّلَاةِ خُرُوجَ الْإِمَامِ لَا انْتِصَافَ النَّهَارِ.

وَأَيْضًا فَإِنَّ النَّاسَ يَكُونُونَ فِي الْمَسْجِدِ تَحْتَ السُّقُوفِ، وَلَا يَشْعُرُونَ بِوَقْتِ الزَّوَالِ، وَالرَّجُلُ يَكُونُ مُتَشَاغِلًا بِالصَّلَاةِ لَا يَدْرِي بِوَقْتِ الزَّوَالِ، وَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَخْرُجَ، وَيَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ، وَيَنْظُرَ إِلَى الشَّمْسِ وَيَرْجِعَ، وَلَا يُشْرَعُ لَهُ ذَلِكَ.

وَحَدِيثُ أبي قتادة هَذَا، قَالَ أبو داود: هُوَ مُرْسَلٌ لِأَنَّ أبا الخليل لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أبي قتادة، وَالْمُرْسَلُ إِذَا اتَّصَلَ بِهِ عَمِلَ، وَعَضَّدَهُ قِيَاسٌ، أَوْ قَوْلُ صَحَابِيٍّ، أَوْ كَانَ مُرْسِلُهُ مَعْرُوفًا بِاخْتِيَارِ الشُّيُوخِ وَرَغْبَتِهِ عَنِ الرِّوَايَةِ عَنِ الضُّعَفَاءِ وَالْمَتْرُوكِينَ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَقْتَضِي قُوَّتَهُ عُمِلَ بِهِ.

وَأَيْضًا فَقَدْ عَضَّدَهُ شَوَاهِدُ أُخَرُ مِنْهَا مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ: رُوِيَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( «نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ نِصْفَ النَّهَارِ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ إِلَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ» )

<<  <  ج: ص:  >  >>