سَاعَةُ الْأَوَّابِينَ، ثُمَّ تَلَا: {فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا} [الإسراء: ٢٥] » [الْإِسْرَاءِ: ٢٥] ".
وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: السَّاعَةُ الَّتِي تُذْكَرُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ: مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ. وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ إِذَا صَلَّى الْعَصْرَ لَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَهَذَا هُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ السَّلَفِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَحَادِيثِ. وَيَلِيهِ الْقَوْلُ بِأَنَّهَا سَاعَةُ الصَّلَاةِ، وَبَقِيَّةُ الْأَقْوَالِ لَا دَلِيلَ عَلَيْهَا.
وَعِنْدِي أَنَّ سَاعَةَ الصَّلَاةِ سَاعَةٌ تُرْجَى فِيهَا الْإِجَابَةُ أَيْضًا، فَكِلَاهُمَا سَاعَةُ إِجَابَةٍ، وَإِنْ كَانَتِ السَّاعَةُ الْمَخْصُوصَةُ هِيَ آخِرَ سَاعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ، فَهِيَ سَاعَةٌ مُعَيَّنَةٌ مِنَ الْيَوْمِ لَا تَتَقَدَّمُ وَلَا تَتَأَخَّرُ، وَأَمَّا سَاعَةُ الصَّلَاةِ فَتَابِعَةٌ لِلصَّلَاةِ، تَقَدَّمَتْ أَوْ تَأَخَّرَتْ؛ لِأَنَّ لِاجْتِمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَصَلَاتِهِمْ وَتَضَرُّعِهِمْ وَابْتِهَالِهِمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى تَأْثِيرًا فِي الْإِجَابَةِ، فَسَاعَةُ اجْتِمَاعِهِمْ سَاعَةٌ تُرْجَى فِيهَا الْإِجَابَةُ، وَعَلَى هَذَا تَتَّفِقُ الْأَحَادِيثُ كُلُّهَا، وَيَكُونُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ حَضَّ أُمَّتَهُ عَلَى الدُّعَاءِ وَالِابْتِهَالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي هَاتَيْنِ السَّاعَتَيْنِ.
وَنَظِيرُ هَذَا «قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ سُئِلَ عَنِ الْمَسْجِدِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى فَقَالَ: " هُوَ مَسْجِدُكُمْ هَذَا " وَأَشَارَ إِلَى مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ» . وَهَذَا لَا يَنْفِي أَنْ يَكُونَ مَسْجِدُ قُبَاءٍ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ الْآيَةُ مُؤَسَّسًا عَلَى التَّقْوَى، بَلْ كُلٌّ مِنْهُمَا مُؤَسَّسٌ عَلَى التَّقْوَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute