للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَكَ عِيدًا وَلِقَوْمِكَ مِنْ بَعْدِكَ، قُلْتُ وَمَا لَنَا فِيهَا؟ قَالَ: لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ، أَنْتَ فِيهَا الْأَوَّلُ، وَالْيَهُودُ وَالنَّصَارَى مِنْ بَعْدِكَ، وَلَكَ فِيهَا سَاعَةٌ لَا يَسْأَلُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَبْدٌ فِيهَا شَيْئًا هُوَ لَهُ قَسْمٌ إِلَّا أَعْطَاهُ، أَوْ لَيْسَ لَهُ قَسْمٌ إِلَّا أَعْطَاهُ أَفْضَلَ مِنْهُ، وَأَعَاذَهُ اللَّهُ مِنْ شَرِّ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَلَيْهِ، وَإِلَّا دَفَعَ عَنْهُ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: قُلْتُ: وَمَا هَذِهِ النُّكْتَةُ السَّوْدَاءُ؟ قَالَ: هِيَ السَّاعَةُ تَقُومُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَهُوَ عِنْدَنَا سَيِّدُ الْأَيَّامِ، وَيَدْعُوهُ أَهْلُ الْآخِرَةِ يَوْمَ الْمَزِيدِ. قَالَ: قُلْتُ يَا جِبْرِيلُ! وَمَا يَوْمُ الْمَزِيدِ؟ قَالَ: ذَلِكَ أَنَّ رَبَّكَ عَزَّ وَجَلَّ اتَّخَذَ فِي الْجَنَّةِ وَادِيًا أَفْيَحَ مِنْ مِسْكٍ أَبْيَضَ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ نَزَلَ عَلَى كُرْسِيِّهِ ثُمَّ حُفَّ الْكُرْسِيُّ بِمَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، فَيَجِيءُ النَّبِيُّونَ حَتَّى يَجْلِسُوا عَلَيْهَا، ثُمَّ حُفَّ الْمَنَابِرُ بِمَنَابِرَ مِنْ ذَهَبٍ، فَيَجِيءُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ حَتَّى يَجْلِسُوا عَلَيْهَا، وَيَجِيءُ أَهْلُ الْغُرَفِ حَتَّى يَجْلِسُوا عَلَى الْكُثُبِ، قَالَ ثُمَّ يَتَجَلَّى لَهُمْ رَبُّهُمْ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ فَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ فَيَقُولُ: أَنَا الَّذِي صَدَقْتُكُمْ وَعْدِي وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي، وَهَذَا مَحَلُّ كَرَامَتِي فَسَلُونِي، فَيَسْأَلُونَهُ الرِّضَى. قَالَ: رِضَايَ أَنْزَلَكُمْ دَارِي وَأَنَا لَكُمْ كَرَامَتِي، فَسَلُونِي فَيَسْأَلُونَهُ الرِّضَى. قَالَ: فَيَشْهَدُ لَهُمْ بِالرِّضَى، ثُمَّ يَسْأَلُونَهُ حَتَّى تَنْتَهِيَ رَغْبَتُهُمْ، ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ. قَالَ: ثُمَّ يَرْتَفِعُ رَبُّ الْعِزَّةِ وَيَرْتَفِعُ مَعَهُ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ، وَيَجِيءُ أَهْلُ الْغُرَفِ إِلَى غُرَفِهِمْ. قَالَ: كُلُّ غُرْفَةٍ مِنْ لُؤْلُؤَةٍ لَا وَصْلَ فِيهَا وَلَا فَصْمَ، يَاقُوتَةٌ حَمْرَاءُ وَغُرْفَةٌ مِنْ زَبَرْجَدَةٍ خَضْرَاءَ، أَبْوَابُهَا وَعَلَالِيُّهَا وَسَقَائِفُهَا وَأَغْلَاقُهَا مِنْهَا أَنْهَارُهَا مُطَّرِدَةٌ مُتَدَلِّيَةٌ فِيهَا أَثْمَارُهَا فِيهَا أَزْوَاجُهَا وَخَدَمُهَا. قَالَ: فَلَيْسُوا إِلَى شَيْءٍ أَحْوَجَ مِنْهُمْ إِلَى يَوْمِ الْجُمُعَةِ لِيَزْدَادُوا مِنْ كَرَامَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالنَّظَرِ إِلَى وَجْهِهِ الْكَرِيمِ، فَذَلِكَ يَوْمُ الْمَزِيدِ» ) .

وَلِهَذَا الْحَدِيثِ عِدَّةُ طُرُقٍ، ذَكَرَهَا أَبُو الْحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي كِتَابِ " الرُّؤْيَةِ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>