للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّانِيَةُ وَالثَّلَاثُونَ: أَنَّهُ يُكْرَهُ إِفْرَادُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِالصَّوْمِ، هَذَا مَنْصُوصُ أحمد، قَالَ الأثرم: قِيلَ لأبي عبد الله: صِيَامُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ؟ فَذَكَرَ حَدِيثَ النَّهْيِ عَنْ أَنْ يُفْرَدَ، ثُمَّ قَالَ: إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي صِيَامٍ كَانَ يَصُومُهُ، وَأَمَّا أَنْ يُفْرَدَ فَلَا. قُلْتُ: رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ يَوْمًا، وَيُفْطِرُ يَوْمًا، فَوَقَعَ فِطْرُهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَصَوْمُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَفِطْرُهُ يَوْمَ السَّبْتِ، فَصَارَ الْجُمُعَةُ مُفْرَدًا؟ قَالَ: هَذَا إِلَّا أَنْ يَتَعَمَّدَ صَوْمَهُ خَاصَّةً، إِنَّمَا كُرِهَ أَنْ يَتَعَمَّدَ الْجُمُعَةَ.

وَأَبَاحَ مالك، وأبو حنيفة صَوْمَهُ كَسَائِرِ الْأَيَّامِ، قَالَ مالك: لَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ وَمَنْ يُقْتَدَى بِهِ يَنْهَى عَنْ صِيَامِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَصِيَامُهُ حَسَنٌ، وَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَصُومُهُ، وَأَرَاهُ كَانَ يَتَحَرَّاهُ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: اخْتَلَفَتِ الْآثَارُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صِيَامِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَرَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( «كَانَ يَصُومُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ» ) وَقَالَ: قَلَّمَا رَأَيْتُهُ مُفْطِرًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ قَالَ: «مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفْطِرُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَطُّ» . ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ عمير بن أبي عمير عَنِ ابْنِ عُمَرَ.

وَرَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَصُومُهُ وَيُوَاظِبُ عَلَيْهِ. وَأَمَّا الَّذِي ذَكَرَهُ مالك، فَيَقُولُونَ: إِنَّهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ. وَقِيلَ: صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ.

وَرَوَى الدراوردي عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي جُشَمَ أَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>