وَفِي " الصَّحِيحَيْنِ " أَيْضًا عَنْ جابر «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ، ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ بَعْدُ، فَلَمَّا فَرَغَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَزَلَ فَأَتَى النِّسَاءَ فَذَكَّرَهُنَّ» ، الْحَدِيثَ. وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَخْطُبُ عَلَى مِنْبَرٍ، أَوْ عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَلَعَلَّهُ كَانَ قَدْ بُنِيَ لَهُ مِنْبَرٌ مِنْ لَبِنٍ أَوْ طِينٍ أَوْ نَحْوِهِ؟ قِيلَ: لَا رَيْبَ فِي صِحَّةِ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْمِنْبَرَ لَمْ يَكُنْ يَخْرُجُ مِنَ الْمَسْجِدِ، وَأَوَّلُ مَنْ أَخْرَجَهُ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ، فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا مِنْبَرُ اللَّبِنِ وَالطِّينِ فَأَوَّلُ مَنْ بَنَاهُ كثير بن الصلت فِي إِمَارَةِ مروان عَلَى الْمَدِينَةِ، كَمَا هُوَ فِي " الصِّحِيحَيْنِ " فَلَعَلَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُومُ فِي الْمُصَلَّى عَلَى مَكَانٍ مُرْتَفِعٍ أَوْ دُكَّانٍ وَهِيَ الَّتِي تُسَمَّى مِصْطَبَةً، ثُمَّ يَنْحَدِرُ مِنْهُ إِلَى النِّسَاءِ فَيَقِفُ عَلَيْهِنَّ فَيَخْطُبُهُنَّ فَيَعِظُهُنَّ وَيُذَكِّرُهُنَّ. وَاللُّهُ أَعْلَمُ.
وَكَانَ يَفْتَتِحُ خُطَبَهُ كُلَّهَا بِالْحَمْدِ لِلَّهِ، وَلَمْ يُحْفَظْ عَنْهُ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ أَنَّهُ كَانَ يَفْتَتِحُ خُطْبَتَيِ الْعِيدَيْنِ بِالتَّكْبِيرِ، وَإِنَّمَا رَوَى ابْنُ مَاجَهْ فِي " سُنَنِهِ " عَنْ سعد القرظ مُؤَذِّنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُكْثِرُ التَّكْبِيرَ بَيْنَ أَضْعَافِ الْخُطْبَةِ، وَيُكْثِرُ التَّكْبِيرَ فِي خُطْبَتَيِ الْعِيدَيْنِ. وَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَفْتَتِحُهَا بِهِ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي افْتِتَاحِ خُطْبَةِ الْعِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ، فَقِيلَ: يُفْتَتَحَانِ بِالتَّكْبِيرِ، وَقِيلَ: تُفْتَتَحُ خُطْبَةُ الِاسْتِسْقَاءِ بِالِاسْتِغْفَارِ، وَقِيلَ: يُفْتَتَحَانِ بِالْحَمْدِ. قَالَ شَيْخُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute