لِتُخَالِفَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَمِيعَ أَصْحَابِهِ، فَتُصَلِّيَ خِلَافَ صَلَاتِهِمْ، كَيْفَ وَالصَّحِيحُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: ( «إِنَّ اللَّهَ فَرَضَ الصَّلَاةَ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، فَلَمَّا هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ، زِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ، وَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ» ) فَكَيْفَ يُظَنُّ بِهَا مَعَ ذَلِكَ أَنْ تُصَلِّيَ بِخِلَافِ صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمِينَ مَعَهُ.
قُلْتُ: وَقَدْ أَتَمَّتْ عائشة بَعْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ: إِنَّهَا تَأَوَّلَتْ كَمَا تَأَوَّلَ عثمان، وَإِنَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْصُرُ دَائِمًا، فَرَكَّبَ بَعْضُ الرُّوَاةِ مِنَ الْحَدِيثَيْنِ حَدِيثًا، وَقَالَ: فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْصُرُ وَتُتِمُّ هِيَ، فَغَلِطَ بَعْضُ الرُّوَاةِ، فَقَالَ: كَانَ يَقْصُرُ وَيُتِمُّ، أَيْ هُوَ.
وَالتَّأْوِيلُ الَّذِي تَأَوَّلَتْهُ قَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ، فَقِيلَ ظَنَّتْ أَنَّ الْقَصْرَ مَشْرُوطٌ بِالْخَوْفِ فِي السَّفَرِ، فَإِذَا زَالَ الْخَوْفُ زَالَ سَبَبُ الْقَصْرِ، وَهَذَا التَّأْوِيلُ غَيْرُ صَحِيحٍ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَافَرَ آمِنًا وَكَانَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ، وَالْآيَةُ قَدِ أُشْكِلَتْ عَلَى عمر وَعَلَى غَيْرِهِ، فَسَأَلَ عَنْهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَجَابَهُ بِالشِّفَاءِ، وَأَنَّ هَذَا صَدَقَةٌ مِنَ اللَّهِ وَشَرْعٌ شَرَعَهُ لِلْأُمَّةِ، وَكَانَ هَذَا بَيَانَ أَنَّ حُكْمَ الْمَفْهُومِ غَيْرُ مُرَادٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute