تَشْتَرِهَا وَلَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ» ) . فَجَعَلَهُ عَائِدًا فِي صَدَقَتِهِ مَعَ أَخْذِهَا بِالثَّمَنِ.
التَّأْوِيلُ السَّادِسُ: أَنَّهُ كَانَ قَدْ تَأَهَّلَ بِمِنًى وَالْمُسَافِرُ إِذَا أَقَامَ فِي مَوْضِعٍ، وَتَزَوَّجَ فِيهِ، أَوْ كَانَ لَهُ بِهِ زَوْجَةٌ، أَتَمَّ، وَيُرْوَى فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَرَوَى عكرمة بن إبراهيم الأزدي، عَنِ ابن أبي ذباب، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: صَلَّى عثمان بِأَهْلِ مِنًى أَرْبَعًا، وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ لَمَّا قَدِمْتُ تَأَهَّلْتُ بِهَا، وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( «إِذَا تَأَهَّلَ الرَّجُلُ بِبَلْدَةٍ فَإِنَّهُ يُصَلِّي بِهَا صَلَاةَ مُقِيمٍ» ) . رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي " مُسْنَدِهِ "، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ الْحُمَيْدِيُّ فِي " مُسْنَدِهِ " أَيْضًا، وَقَدْ أَعَلَّهُ البيهقي بِانْقِطَاعِهِ، وَتَضْعِيفِهِ عكرمة بن إبراهيم. قَالَ أَبُو الْبَرَكَاتِ بْنُ تَيْمِيَّةَ: وَيُمْكِنُ الْمُطَالَبَةُ بِسَبَبِ الضَّعْفِ، فَإِنَّ الْبُخَارِيَّ ذَكَرَهُ فِي " تَارِيخِهِ " وَلَمْ يَطْعَنْ فِيهِ، وَعَادَتُهُ ذِكْرُ الْجَرْحِ وَالْمَجْرُوحِينَ، وَقَدْ نَصَّ أحمد وَابْنُ عَبَّاسٍ قَبْلَهُ أَنَّ الْمُسَافِرَ إِذَا تَزَوَّجَ لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ، وَهَذَا قَوْلُ أبي حنيفة ومالك وَأَصْحَابِهِمَا، وَهَذَا أَحْسَنُ مَا اعْتُذِرَ بِهِ عَنْ عثمان.
وَقَدِ اعْتُذِرَ عَنْ عائشة أَنَّهَا كَانَتْ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ فَحَيْثُ نَزَلَتْ كَانَ وَطَنَهَا وَهُوَ أَيْضًا اعْتِذَارٌ ضَعِيفٌ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبُو الْمُؤْمِنِينَ أَيْضًا، وَأُمُومَةُ أَزْوَاجِهِ فَرْعٌ عَنْ أُبُوَّتِهِ وَلَمْ يَكُنْ يُتِمُّ لِهَذَا السَّبَبِ. وَقَدْ رَوَى هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهَا كَانَتْ تُصَلِّي فِي السَّفَرِ أَرْبَعًا، فَقُلْتُ لَهَا: لَوْ صَلَّيْتِ رَكْعَتَيْنِ، فَقَالَتْ: (يَا ابْنَ أُخْتِي إِنَّهُ لَا يَشُقُّ عَلَيَّ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute