وَرَوَى أبو داود فِي " سُنَنِهِ " عَنْ عبد الجبار بن الورد قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ يَقُولُ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ: مَرَّ بِنَا أبو لبابة فَاتَّبَعْنَاهُ حَتَّى دَخَلَ بَيْتَهُ فَإِذَا رَجُلٌ رَثُّ الْهَيْئَةِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ. قَالَ فَقُلْتُ لِابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ يَا أبا محمد أَرَأَيْتَ إِذَا لَمْ يَكُنْ حَسَنَ الصَّوْتِ قَالَ يُحَسِّنُهُ مَا اسْتَطَاعَ» )
قُلْتُ: لَا بُدَّ مِنْ كَشْفِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَذِكْرِ اخْتِلَافِ النَّاسِ فِيهَا، وَاحْتِجَاجِ كُلِّ فَرِيقٍ، وَمَا لَهُمْ وَعَلَيْهِمْ فِي احْتِجَاجِهِمْ، وَذِكْرِ الصُّوَابِ فِي ذَلِكَ بِحَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَمَعُونَتِهِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: تُكْرَهُ قِرَاءَةُ الْأَلْحَانِ، وَمِمَّنْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ أحمد، ومالك وَغَيْرُهُمَا، فَقَالَ أحمد فِي رِوَايَةِ علي بن سعيد فِي قِرَاءَةِ الْأَلْحَانِ: مَا تُعْجِبُنِي وَهُوَ مُحْدَثٌ. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ المروزي: الْقِرَاءَةُ بِالْأَلْحَانِ بِدْعَةٌ لَا تُسْمَعُ، وَقَالَ فِي رِوَايَةِ عبد الرحمن المتطبب: قِرَاءَةُ الْأَلْحَانِ بِدْعَةٌ، وَقَالَ فِي رِوَايَةِ ابْنِهِ عبد الله، وَيُوسُفَ بْنِ مُوسَى، ويعقوب بن بختان، والأثرم، وإبراهيم بن الحارث: الْقِرَاءَةُ بِالْأَلْحَانِ لَا تُعْجِبُنِي إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ حُزْنًا فَيَقْرَأُ بِحُزْنٍ مِثْلَ صَوْتِ أبي موسى، وَقَالَ فِي رِوَايَةِ صالح ( «زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ» ) مَعْنَاهُ أَنْ يُحَسِّنَهُ وَقَالَ فِي رِوَايَةِ المروزي: ( «مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ كَإِذْنِهِ لِنَبِيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ أَنْ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ» ) ، وَفِي رِوَايَةٍ قَوْلُهُ: ( «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ» ) ، فَقَالَ كَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يَقُولُ: يَسْتَغْنِي بِهِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَرْفَعُ صَوْتَهُ، وَذَكَرَ لَهُ حَدِيثَ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ فِي قِصَّةِ قِرَاءَةِ سُورَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute