يُكَبِّرُ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ سِتًّا، وَعَلَى غَيْرِهِمْ مِنَ الصَّحَابَةِ خَمْسًا، وَعَلَى سَائِرِ النَّاسِ أَرْبَعًا) ذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.
وَذَكَرَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ أَنَّهُ قَالَ: كَانُوا يُكَبِّرُونَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ خَمْسًا وَسِتًّا وَسَبْعًا. وَهَذِهِ آثَارٌ صَحِيحَةٌ، فَلَا مُوجِبَ لِلْمَنْعِ مِنْهَا، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَمْنَعْ مِمَّا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ، بَلْ فَعَلَهُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ مِنْ بَعْدِهِ.
وَالَّذِينَ مَنَعُوا مِنَ الزِّيَادَةِ عَلَى الْأَرْبَعِ، مِنْهُمْ مَنِ احْتَجَّ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ آخِرَ جِنَازَةٍ صَلَّى عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَبَّرَ أَرْبَعًا. قَالُوا: وَهَذَا آخِرُ الْأَمْرَيْنِ، وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ بِالْآخِرِ، فَالْآخِرُ مِنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَذَا. وَهَذَا الْحَدِيثُ، قَدْ قَالَ الْخَلَّالُ فِي " الْعِلَلِ ": أَخْبَرَنِي حرب قَالَ: سُئِلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ حَدِيثِ أبي المليح، عَنْ ميمون، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. فَقَالَ أحمد: هَذَا كَذِبٌ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ، إِنَّمَا رَوَاهُ محمد بن زياد الطحان وَكَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ.
وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ مَيْمُونَ بْنَ مِهْرَانَ رَوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: (أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَمَّا صَلَّتْ عَلَى آدَمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسّلَامُ - كَبَّرَتْ عَلَيْهِ أَرْبَعًا، وَقَالُوا: تِلْكَ سُنَّتُكُمْ يَا بَنِي آدَمَ) . وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ قَالَ فِي الأثرم: جَرَى ذِكْرُ محمد بن معاوية النيسابوري الَّذِي كَانَ بِمَكَّةَ، فَسَمِعْتُ أبا عبد الله قَالَ: رَأَيْتُ أَحَادِيثَهُ مَوْضُوعَةً، فَذَكَرَ مِنْهَا عَنْ أبي المليح، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: (أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَمَّا صَلَّتْ عَلَى آدَمَ كَبَّرَتْ عَلَيْهِ أَرْبَعًا) ، وَاسْتَعْظَمَهُ أبو عبد الله، وَقَالَ أبو المليح كَانَ أَصَحَّ حَدِيثًا وَأَتْقَى لِلَّهِ مِنْ أَنْ يَرْوِيَ مِثْلَ هَذَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute