للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسْعُودٍ، وحذيفة، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.

قُلْتُ: الْمَنْقُولُ عَنْ علي وعمر وعمار وحذيفة وَابْنِ مَسْعُودٍ الْمَنْعُ مِنْ صِيَامِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ شَعْبَانَ تَطَوُّعًا، وَهُوَ الَّذِي قَالَ فِيهِ عمار: مَنْ صَامَ الْيَوْمَ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

فَأَمَّا صَوْمُ يَوْمِ الْغَيْمِ احْتِيَاطًا عَلَى أَنَّهُ إِنْ كَانَ مِنْ رَمَضَانَ فَهُوَ فَرْضُهُ وَإِلَّا فَهُوَ تَطَوُّعٌ. فَالْمَنْقُولُ عَنِ الصَّحَابَةِ يَقْتَضِي جِوَازَهُ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ يَفْعَلُهُ ابْنُ عُمَرَ وعائشة. هَذَا مَعَ رِوَايَةِ عائشة «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا غُمَّ هِلَالُ شَعْبَانَ عَدَّ ثَلَاثِينَ يَوْمًا ثُمَّ صَامَ» . وَقَدْ رُدَّ حَدِيثُهَا هَذَا بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ صَحِيحًا لَمَا خَالَفَتْهُ، وَجُعِلَ صِيَامُهَا عِلَّةً فِي الْحَدِيثِ، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، فَإِنَّهَا لَمْ تُوجِبْ صِيَامَهُ، وَإِنَّمَا صَامَتْهُ احْتِيَاطًا، وَفَهِمَتْ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمْرِهِ أَنَّ الصِّيَامَ لَا يَجِبُ حَتَّى تَكْمُلَ الْعِدَّةُ، وَلَمْ تَفْهَمْ هِيَ وَلَا ابْنُ عُمَرَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ.

وَهَذَا أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَبِهِ تَجْتَمِعُ الْأَحَادِيثُ وَالْآثَارُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ معمر، عَنْ أيوب، عَنْ نافع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِهِلَالِ رَمَضَانَ: (إِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا» ) . وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي رَوَّادٍ عَنْ نافع عَنْهُ: ( «فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ» ) .

وَقَالَ مالك وعبيد الله عَنْ نافع عَنْهُ: ( «فَاقْدُرُوا لَهُ» ) فَدَلَّ عَلَى أَنَّ ابْنَ عُمَرَ لَمْ يَفْهَمْ مِنَ الْحَدِيثِ وُجُوبَ إِكْمَالِ الثَّلَاثِينَ، بَلْ جَوَازَهُ، فَإِنَّهُ إِذَا صَامَ يَوْمَ الثَّلَاثِينَ فَقَدْ أَخَذَ بِأَحَدِ الْجَائِزَيْنِ احْتِيَاطًا، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَوْ فَهِمَ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «اقْدُرُوا لَهُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ ثُمَّ صُومُوا» ) كَمَا يَقُولُهُ الْمُوجِبُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>